السبت، 4 يوليو 2015

الوضع الداخلي الفلسطيني يمر في المرحلة الأخطر صحيفة القدس اللندنية

الوضع الداخلي الفلسطيني يمر في المرحلة الأخطر: إقالة أمين سر تنفيذية منظمة التحرير و«تعديل» حكومي بعد فشل الوحدة السلطة والحكومة في مواجهة تحديات داخلية 

فادي أبو سعدى

يوليو 4, 2015
رام الله ـ «القدس العربي»: تواجه منظمة التحرير الفلسطينية والتي خرجت من رحمها السلطة الوطنية الفلسطينية وابنتها الحكومة الفلسطينية تحديات غير مسبوقة على الصعيد الداخلي الفلسطيني. وهذه التحديات تكام تكون الأخطر على الإطلاق في هذه المرحلة الحساسة التي بدأت فيها عملية تدويل القضية الفلسطينية وانتقالها إلى المحكمة الجنائية الدولية والتي يمر فيها الوطن العربي أيضاَ بموجة من الإرهاب من الأكثر دموية.
وفيما يتعلق بمنظمة التحرير الفلسطينية فإن الحديث الرئيسي هذا الأسبوع كان «إقالة» أو «إعفاء» أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير وهو ياسر عبد ربه من منصبه. وأتى القرار في ظل غياب عبد ربه عن فلسطين ووجوده في لندن في وقت إعلان القرار كما أنه يأتي في ظل تغيبه عن آخر اجتماعين على الأقل للجنة التنفيذية للمنظمة.
ولم تشهد منظمة التحرير الفلسطينية مثل هذه الإقالات في السابق. فقد كان تعيين أي شخص لهذا المنصب مرتبطا بترتيبات خاصة مثلما حدث عند تولي الرئيس الراحل ياسر عرفات رئاسة السلطة فاتفق على تعيين الرئيس الحالي محمود عباس آنذاك أميناً للسر. وهو المأخذ الذي يراه ياسر عبد ربه في قرار اللجنة التنفيذية مثار الحديث.
ولم يرض عبد ربه بقرار الإقالة بعد، بل أكد أنه سيطالب بعقد اجتماع للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية للوقوف على حيثيات القرار وفي محاولة للحفاظ على إرث منظمة التحرير الفلسطينية على حد وصفه. ولا يعرف إن كان سينجح في عقد هذا الاجتماع بعدما صدر القرار داخل اجتماع للجنة تغيب عنه هو وحده.
 وانقسم الشارع الفلسطيني بين مؤيد للخطوة ورافض لها على أكثر من صعيد. فالمؤيد لم يكن مؤيداً لفكرة التفرد في القرار الفلسطيني وإنما مؤيداً لإبعاد ياسر عبد ربه الذي كان من قيادات الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين ثم انشق إلى حزب فدا. وهو من أصحاب فكرة «مبادرة جنيف» مع يوسي بيلين الإسرائيلي وله الكثير من المواقف التي أثارت الجدل على المستوى الداخلي خاصة في حركتي فتح وحماس. أما المعارض فكان أيضاً معارضاً لفكرة «الإقالة» في ظل عدم وجوده في رام الله وعدم إعلامه بالقرار سوى من الإعلام.
كما أن الشارع الفلسطيني يرى أن منظمة التحرير الفلسطينية «ماتت» منذ زمن طويل وما اجتماعاتها سوى شكلية فقط وكل من في هيئاتها هم من «كبار السن» رغم الحديث طويلاً عن تطعيمها بالدماء الشابة لكن ذلك لم يحدث وبقيت فقاعات إعلامية ليس إلا.
أما فيما يتعلق بالحكومة الفلسطينية فالموضوع أعقد بكثير من قضية منظمة التحرير الفلسطينية. فاللجنة التنفيذية في آخر اجتماعين لها أقرت بفشل حكومة الوفاق في عملها بعد عام على تشكيلها. وبغض النظر عن اتهام المنظمة لحركة حماس بالوقوف وراء فشل الحكومة إلا أن «الفشل» هو الأساس.
وترى أوساط فلسطينية أنه وبعد الإعلان أول مرة عن تشكيل حكومة وحدة وطنية وفشل محادثاتها خاصة مع حركة حماس والإعلان في المرة الثانية عن تكليف رامي الحمد الله بإجراء تعديل طفيف على الحكومة الحالية يعني فشلاً آخر على الصعيد الداخلي وتكريس الإنقسام المتجذر أصلاً بين غزة والضفة الغربية.
ولا يرى الشارع الفلسطيني في الحمد الله الشخصية القيادية لإدارة شؤون حياة الفلسطينيين. خاصة وأن خلافات وقعت بينه وبين الرئيس محمود عباس أكثر من مرة في بداية فترة توليه للحكومة الفلسطينية. ويعرف الشارع الفلسطيني تماماً أن الرجل بدون صلاحيات كاملة في الضفة ولا يحكم شيئاً في غزة وبالتالي فإن إعادة تكليفه تعني بقاء الحال كما هو عليه وهو ما لا يريده الشارع.
 كما أن إجراء «تعديل» طفيف فقط على الحكومة التي أقرت منظمة التحرير أن العام الأول من حكمها كان فاشلاً يعني بالضرورة استمرار الفشل. بينما الشارع الفلسطيني لا يرى ضرورة للتعديل وغير آبه بالمزيد من الوزراء الذين ازدادت قائمتهم في فلسطين عبر الحكومات السابقة بقدر ما يريد تغييرا حقيقيا يلامس واقعه الاقتصادي المرير وحياته المعقدة تحت الاحتلال.  ويبدو أن التحديات التي تواجه السلطة الفلسطينية وحكومتها على صعيد الاحتلال الإسرائيلي لا تقل عن الملف الداخلي وهو ما يراه واصل أبو يوسف عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية الذي يقول أن مساعي الاحتلال تهدف إلى عزل السلطة والقيادة الفلسطينية. رغم اعتقاده أن هذه المساعي لن تنجح لأن العالم بات يدرك الوجه القبيح للاحتلال وأن محاولات خلق فتن بين الشعب الفلسطيني والسلطة لن تنجح أيضا لأن شعبنا يدرك أن الاحتلال لا يعمل أبدا من أجل مصلحته.
وحسب أبو يوسف فإن التسهيلات التي يقدمها الاحتلال للمواطنين الفلسطينيين بشكل مباشر ما هي إلا محاولات لذر الرماد في العيون وللقول أن إسرائيل دولة ديمقراطية وهي أبعد ما تكون عن ذلك. «كل محاولات الاحتلال سوف تفشل على صخرة صمود المجتمع الفلسطيني وشعبنا يتوق إلى الحرية وسيواصل مساعيه خلف قيادته من أجل عزل إسرائيل في العالم بشكل أكبر».
 وقال في تصريح لوكالة الأنباء الرسمية أنه واضح تماما أن حكومة الاحتلال تتخبط أمام ما تتعرض له من عزلة في العالم. فهي تغلق الباب أمام المفاوضات ولا تريد إنهاء الاحتلال وتسعى للتصعيد ضد شعبنا وهذا الأمر يستوجب ان نتمسك بالاستراتيجية الفلسطينية التي أقرها المجلس المركزي لمنظمة التحرير والقائمة على استمرار المساعي والجهود مع المجتمع الدولي لوضع حد للاحتلال الإسرائيلي. كما التمسك بقرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي على قاعدة الحقوق غير القابلة للتصرف والاستمرار في العمل مع المجتمع الدولي لانضمام فلسطين لمختلف المؤسسات الدولية واستمرار العمل في المحكمة الدولية لكشف جرائم الاحتلال مع العمل بالتوازي لإنهاء الانقسام وتصعيد المقاومة الشعبية.
 وينتظر الشارع الفلسطيني كيف ستتخطى قيادته هذه التحديات الجسيمة في ظل الوضع الداخلي الفلسطيني المعقد والوضع العربي الأكثر تعقيداً إضافة إلى الإهتمام الاقليمي والدولي المنهمك في الملف النووي الإيراني والملف اليوناني الاقتصادي أوروبياً.

ليست هناك تعليقات: