بقلم / محمد امان ابراهيم انجابا
مدخل :
المُتابع للساحة الإرترية السياسية يجدها مليئة بالتباينات والتناقضات الفكرية ،،، لذا أود أن أقف على المفاهيم الفكرية ربما أساهم فى فك نقاط التصلب والتشنج السياسى وتحقيق التقارب..أو لعلي أفتح الباب على مصرعيه فى هذا الإتجاه من أجل التوافق ،، فهى محاولات حتى نحرك المياه الراكدة ...
وإذا عجز المؤتمر القادم فى تناول هذه القضيه الشائكة وتبعاتها نتمنى أن تأخذ قسطها من الحوار والنقاش من أصحاب الشأن...
يجب أن يكون التقارب والتلاقى الفكري حاضراً بين القوى السياسيه الإرتريه وتتم عبر الطاولة المفتوحة مراجعة ومعالجة كل المسائل العالقة والنقاط المتعثرة ،،، وتقام على هذا الصدد ملتقيات ومؤتمرات بمستوى النخب والقيادات السياسيه التى تمثل التنظيمات والكتل فى الساحة الإرترية...
وبالرغم من أن معظم التنظيمات الإرترية عبارة عن بيوتات قبليه وإثنيه ، لكن لابأس من تناول هذه المفاهيم ربما تُحَفِز بعض الكتل السياسيه للعمل من أجل التقارب الفكرى ،، وتتحرر من المفاهيم الرجعية والأساليب القديمة ، وتُذوّب الأُطر الإثنيه والقبليه...
فى البدء سوف أتناول الأفكار والمفاهيم السياسيه التالية : (العلمانية ، والليبرالية ، واليسارية) التى تعتبر طرف وتمثل المعضلة فى الساحة الإرترية ...
تعريف العلمانيه :
العلمانية هي ترجمة محرفة لكلمة إنجليزية تعني اللادينية ، والمقصود بها فصل الدين عن الحياة السياسيه، وحصر العبادة بين العبد والرب ..وعدم التعامل والتعاطى به فى الحياة العامة ...
المبادئ الأساسيه للفكر العلمانى :ـــ
1ـ فصل الدين عن الدولة والسياسة ولامانع من توظيفه أحيانا في نطاق ضيق.
2ـ قصر الإهتمام الإنساني على الحياة المادية الدنيوية. وعدم الايمان بالروحانيات والغيبيات...
3ـ إقامة دولة ذات مؤسسات سياسية لادينية وحصر العبادة فى الإطار الشخصى...
2ـ قصر الإهتمام الإنساني على الحياة المادية الدنيوية. وعدم الايمان بالروحانيات والغيبيات...
3ـ إقامة دولة ذات مؤسسات سياسية لادينية وحصر العبادة فى الإطار الشخصى...
نشأت العلمانية:ـــ
نشأت العلمانية بصورة منظمة مع نجاح الثورة الفرنسية التي قامت على أسس علمانية وذلك لأن رجال الكنيسة تحولوا إلى طواغيت ومحترفين سياسيين ومستبدين تحت ستار الاكليريوس والرهبانية والعشاء الرباني وبيع صكوك الغفران.. وكذلك وقوف الكنيسة ضد العلم وهيمنتها على الفكر وإتهام العلماء بالإنحراف والكفر ، فقُتل وسجن وعذب الكثير من علماء الكيمياء والفلك والرياضيات ...
وكان إستغلاق الدولة سبباً رئيساً فى عزل الدين عن الحياة في المجتمع الغربي مما أدى الى ظهور وبروز هذا الفكر ... وهو صنع بشرى خالص ...
تعريف الليبراليَّة :
هي وجه آخر من وجوه العلمانيِّة ، وهي تعني في الأصل الحريِّة ، غير أن معتنقيها يقصدون بها أن يكون الإنسان حراً في أن يفعل ما يشاء ويقول ما يشاء ويعتقد ما يشاء ويحكم بما يشاء ، بدون التقيد بشريعة إلهية ، فالإنسان عند الليبراليين إله نفسه ، وعابد هواه ، غير محكوم بشريعة من الله تعالى ، ولا مأمور من خالقه باتباع منهج إلهيّ ينظم حياته كلها....
تعريف اليساريه :ـــ
عبارة عن مصطلح يمثل تيارا فكريا وسياسيا يسعى لتغيير المجتمع إلى حالة أكثر مساواة بين أفراده..
يرجع أصل مصطلح اليسارية إلى الثورة الفرنسية عندما أيد عموم من كان يجلس على اليسار من النواب التغيير الذي تحقق عن طريق الثورة الفرنسية، ذلك التغيير المتمثل بالتحول إلى النظام الجمهوري والعلمانية. ولا يزال ترتيب الجلوس نفسه متبعا في البرلمان الفرنسي.
بمرور الوقت تغير وتشعب . إستعمال مصطلح اليسارية بحيث أصبح يغطي طيفا واسعا من الآراء لوصف التيارات المختلفة المتجمعة تحت مظلة اليسارية، فاليسارية في الغرب تشير إلى الاشتراكية أو الديمقراطية الاشتراكية أو الليبرالية الاجتماعية أو اليسارية الراديكالية ، أحياناً .
( تعريف الفكر اليساري : نقلاً عن ويكيبيديا ــ الموسوعة الحرة ) ....
بعد الوقوف على هذه المفاهيم يمكن لنا أن نقول هذه الأفكار بشريه قاصره لايمكن أن تكمل الجوانب الحياتيه المجتمعيه وكل مايخص الفرد ، ولاسيما أنها مستوردة من الغرب الذى يتصف بالإزدواجيه فى المعايير أحزاب دينيه مسيحيه فى كل من ( المانيا ، سويسرا وغيرهما ) ، تدخل البابا والكنائس فى الشأن السياسى وتوجيهاتهم المباشرة وتبريكاتهم لرجالها . السماح للراهبات لإرتداء البرقع ويمنع ويحرّم على المسلمات ، ويتضح جلياً فى طالبات المدارس اللاتى يمنعن من إرتداء الحجاب ويترك المسيحيات لإرتداء الصلبان ، وفى حظر المأذن بلغت ذروتها بينما الكنائس وأجراسها تتكدس وتزدحم بها المدائن والأرياف ، هذه هى علمانية الغرب سماح للمسيحيه وتخوف وتوجس من الإسلام كدين..
أما فى العالم العربي الدول التى يوجد بها طائفتان وارتريا جزء من هذا المحيط لايوجد فرق يضعون العوائق لدور رجال الدين الإسلامى ويمنعونهم من ممارسة واجبهم وتأدية رسالتهم ، وهذا الحق مكفول به للاخريين من رجال الدين المسيحى ...
ومن سلبيات العلمانيه :
ظهور الشذوذ الجنسي فى المجتمع العلمانى الغربى وتزواج المثلين سمة ظاهرة وهذه من دواعى إبعاد الدين والقيم من حياة المجتمع الغربى...
الإباحيه والإنحلال ظاهرة سالبه مل منها الغرب وبدء يشجع على الزواج ويحفز الاسر ليعالجها.
وفى إدمان المخدرات الغرب يسجل أعلى معدل ،، ضياع مراهقين فى هذا العالم العجيب..
يجب على القيادات السياسيه التى تتبنى هذا الفكر وترتضيه لنفسها أن تستوعب المكون الأساسى للمجتمع الإريتري المسيحى والمسلم وهى من صميم ثوابتهم ،، ويصونان حياتهم من التحلل والتفكك الأخلاقى والاسرى .. ونتمنى أن تخرج من إزدواجية المعايير ...
هل تملك الليبرالية والعلمانيه أجابات لبعض الاسئلة :
هل تُقر بوجود الله؟؟، وهل تُقر بوجد علاقة بين عبادةْ الله وحياتهم العمليه وهذا سبب وجودهم؟؟؟ ..هل تؤمن بالاخرة ؟؟ هل تؤمن بوجود الروح والجسد وتؤمن بمتطلبات الروح ؟؟؟
هل تزكي المجتمع وتصونه من الإنحراف والإنزلاق والإنحلال ؟؟ وما هي القيم التي تحكم المجتمع حتى تجعله متوازن ومتماسك ؟؟ مع إعطائه الحرية فى الإختيار ..
طالما هى من صنع البشر كان علينا لزاماً ان نخرج برؤيه مختلفة من النظريات والقوالب الفكريه السياسيه التى لاتجسد واقعنا ،، حتى نوسع مداركنا لكى نستوعب كل المكونات..
لكم الحق فيما ترتضونه ، ولنا الحق فيما نرتضيه كإرتريين ، يجب إستيعاب الواقع بكل ما فيه من تناقضات ومزجه فى رؤية سياسيه واقعية ، دون إقصاء وتهميش لأي مكون...
حتى لاتفقدون الكثير من المجتمع الإرترى .. فى ظل الديمقراطية عليكم تطوير هذه النظريه الفكرية ،، ولاسيما النظام الحالى وما خلقه من تحلل فى الاخلاق والهبوط بالقيم الإنسانيه والأسرية وهتك كل روابط المجتمع حتى يظل فى السلطة.. هناك تصدع عام يجب إدراكه...
فالمجتمع الإرتري فى الأصل يتكون من ديانتين إسلاميه ومسيحية وقلة وثنيه وهاتان الديانتان متأصلتان فى المجتمع ويستقون منهما كل حياتهم الإجتماعيه والسياسيه وهما ركيزتان أساسيتان فى المكون الإرتري...
نجد الدين هو المنبع الأساسى فى حياة المسلم ويتلخص فى الأية الكريمه ( قُل إنَّ صَلاتي ونُسُكِي وَمَحيايَ وَمَماتي للهِ رَبَّ العالَمِينَ ، لاشَريكَ لَهُ وَبِذلِكَ أُمِرتُ وَأَنا أَوَّلُ المِسلِمين) صدق الله العظيم..
ونجد الإنسانى المسيحي الإرتري مرجعه الكتاب المقدس وصلواته فى الكنيسة ويعتمد عليها فى التغذية الروحيه ... وهاتين الديانتين عاشتا جبناً لجنب لمئات السنين ولم يحدث حرب أو إقتتال بينهما..
يجب على أصحاب هذا الفكر أن يعملوا فى كيفية تطويرهُ حتى يكون هناك تلاقى وتقارب مع النقيض.. بحيث لاينتج صراع وصدام بعد زوال النظام بين هذه الأطراف.. ونخرج برؤية وفكر ملائم للتركيبه الدينية والإجتماعيه وخصوصيتها ، دون إقصاء وتهميش لأي جزء أو إبعاد لأي مكون سياسى ،،، ويجب أن نفّصِل هذا الفكر على مقاسُنا ،، لايجب نجبرالمواطن ليتمطى أو ينكمش ويبتعد من ذاته ووجدانه وتكوينه الأساسى لكى يتلائم مع هذه الأفكار البشيريه المستوردة ...
يجب أن لا ننسى المدارس الفكريه ودورها السلبى فى الثورة الإرتريه (جبهة التحرير الإرتريه بفصائلها المختلفه وماتمثله والجبهة الشعبيه ، وما دار بينهما من أحداث دمويه وإقصاء وتهميش للأخر)..
فهذه حقيقيه إنعكست علينا جيل بعد جيل ولا تزال تطاردنا لعنتها ونخشى تأثيرها فى المستقبل ..
إفتراضاً إذا نجح أصحاب الفكر الإسلامى عبر الديمقراطيه وإكتسحُ العلمانيون وغيرهم فى الانتخابات بعد زوال النظام؟؟ هل يتنكرون لهم ويرفضون النتائج التى أفرزتها الديمقراطيه ؟؟؟ كما هو الحال فى البلدان الأخرى أم يستسلمون للنتائج ويتفاعلون مع الحكومة التى هى نتاج إرادة الإرتريين...
كيفية معالجة نظام الحكم وتحقيق التوافق بين الكتل السياسيه ؟ يجب أن نضع تصوركامل لنظام الحكم ، دون أن نولى ظهرونا لبعضنا البعض ، وعبر طاولة الحوار نملك مفاتيح الحلول..
التباين والتناقض بين أطراف المعارضة الإرتريه لايحتاج الى مجهر ، نخشى تأثيره فى المستقبل وما يشكله من خطر ولا محالة أنه قادم وسفينة المعارضة يقودها أكثر من قبطان .. سوف نكون جزء من المشكلة ولا نساهم فى حلها إذا ذهبنا على هذه النهج ...
الديمقراطيه ليس هى الغاية بقدر ماهى وسيلة لتحقيق التداول السلس للسلطة وإدارة الحياة السياسيه بطريقه أفضل ، ولكن هناك عيوب وقصور فى هذه الوسيلة ، وهى إذا فاز حزب بالأغلبيه يمرر أراءه وإقتراحاته دون النظر للأقليه التى تشاركه فى الحكم ، ويُأجل كل الإستجوابات المحرجة للحكومة الممثلة لذلك الحزب ، وهذه تجارب حية فى العالم الغربى والعربي...
فهى فى بعض الأحيان تتحول الى مجموعة إقصائيه وكتلة مهيمنة ، فهى قاصرة أحياناً ولكن بالتوافق والتفاهم والحوار المستميت وعبر الجهود الوطنيه تحقق النتائج المرجوة ...
أتمنى من كل قلبى أن يتم التوافق السياسى برؤية وطنية بعيدة عن الحزبية والتعصب للأطر التنظيمية الضيقة .. فالنتحرر من هذه الحواجز الفكريه والجدران التى صنعناها بإنفسنا الى رحاب الوطن الواسع حتى نجلب الخير لشعبنا ولأرضنا التى فقدنا فيها خيرة شبابنا ...
فى المقال القادم سوف أتناول بقية المكونات السياسيه ،،، إذا مد الله فى عمرنا ولم يصبنا مكروه ...
...........والى اللقاء ...........
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق