الاثنين، 4 أبريل 2011

الحوارُ مع الآخر ...ضرورة مجتمعية

بقلم :- عبدالواحد شفا
   اولا قبل الولوج الى اصل الموضوع إذ لابد من تقديم الشكر والتحية لكل الشرائح من ابناء الشعب الارتري افراد ومنظمات وهيئات ،خاصة  في كل من استراليا وسويسرا وبريطانيا ،لتنظيمهم للمظاهرات الناجحة شكلا ومضمونا ، رافعين شعارات شتى منها( الشعب يريد إسقاط النظام) وكم اسعدني السلوك الحضاري الذي ابدوه ، اذ انهم لم يقطعوا زهرة ولم يحرقوا شجرة ،والمدهش ايضا حالة التعاون والانسجام  التي ظهرت بين افراد المتظاهرين ،هذا إن دل إنما يدلُ على  الوعي الكامل بالمسئولية الملقاه على عاتقهم ،ونقولُ لمن عاتبنا في عدم إفراد مقالات خاصة للمظاهرات أننا لا نتجاهلها ،لكن شغلتنا قضايا ظنا منا أنها ذات تحديات متأنية ،ستفرضُ نفسها بعد نجاح المظاهرات في صورتها النهائية .
   كتبت مقالاً عن الصراع مع الآخر ،وإتجهتُ الى منحى أن الصراع مع الآخر صراع سياسي ،ولكن للأسف النقاشات التي تمت للمقال كانت  ثمانية منها من بين تسعة ، تشيرُ إلى أن الصراع صراع ايدولوجي، فقررتُ أن اكتب مقالا حول الحوار مع الذات، حيث أن الحوار مع الذات يكون قبل الحوار مع الآخر ،لكن بعد اجتهاد في المسألة رأيت  تقديم الحوار مع الآخر ،ولنا عودة للحوار مع الذات ،،،،،
يعتبر الحوارُ مكوناً اصيلاً من مكونات البناء المعرفي للمجتمعات،واداة من ادوات التواصل الفكري والثقافي والاجتماعي التي تتطلبها الحياة المعاصرة ،وهو كذلك يعتبر من الاليات التي تحرر الانسان من الانغلاق والانعزالية والتقوقع، وتدفعه الى عالم  التواصل والإنفتاح والتزاحم ،ومن هنا فهو أمر مطلوب للتعايش الانساني بصفة عامة ،وللمجتمع الارتري بصفة خاصة ، والحوارُ مع الآخر ضرورة تمليها  الفطرة السليمة ، ويفرضها الواقع المعاش ، وتتجدد هذه الضرورة مع تجدد حاجات المجتمع ،واعلى حاجات المجتمع مرتبة هي خلق شبكة متداخلة مترابطة متماسكة بين عناصره وافراده ، كما يمثلُ الحوارعنصرا اساسيا في الخطاب الاسلامي ،ومصطلح الحوار ومرادفاته كثيرة في القرآن الكريم، وعليه قامت وثيقة المدينة التي اسست اول سلام إجتماعي في مجتمع متعدد الثقافات والاديان ،وعبره يتم التواصل بين الشعوب والحضارات. وعدم تنشيط وتفعيل مفاهيم  الحوار يعني تعطيل التحول والتطور المجتمعي ،والدخول في دوائر صغيرة وقوالب ضيقة ،قابلة للانهيار والذوبان.والعيش خارج دوران الزمان .هذا إن لم تتناحر وتتقاتل ،
والمجتمع الارتري ولله الحمد يمتلك رصيدا هائلا من  الحوار والتفاعل والتعايش المشترك فيما بينه من الناحية السياسية والاجتماعية ،  وفي اعتقادنا ان الحوار مع الآخر هو السبيل الاسمى للاستفادة من التباينات الاجتماعية ولخلق مواقف متقاربة بين مكونات الشعب الارتري ،وتفعيل قيم التعاون والتآلف والتكاتف ، وتجاهل الحوار هو عين مايقوم به نظام الجبهة الشعبية  من التهميش والإقصاء والتمييز ،  ورفعنا شعار الحوارمع الآخر لانقصدُ منه التحسنُ والتجملُ امام الآخر ، وإنما  ينبع من قناعتنا الراسخة المنبثقة من الدين الذي نحمله ، لكن السؤال ما هي مقومات هذا الحوار ؟ نقول مقومات الحوار الذي نقصده تتكون من...
@ إحترام التعددية الثقافية للشعب الارتري .
@  قبول خصوصيات الآخر .
@ عدم التحيز للذات على حساب الآخر .
@ تكبير نقاط الإتفاق وتصغير نقاط الإختلاف .
والغاية من الحوار إرساء دعائم وركائز المجتمع المتعافي الذي تسود فيه قيم العدل والمساواة ومفاهيم التفاضل والتكامل والتعايش المشترك على اساس التعددية ،وهو الحل الوحيد الذي يجنبا الصراع ،ويمارس كل منا نشاطه الديني والمذهبي والسياسي على نسق متواز في إطار الحريات العامة ،ولهذا كم اعجبتني مقولة لأحد علماء الشيعة (صلاح شأن الجمهور التعايش ) والآخر الذي نتحدث عنه إن إختلفت معه أخوة الدين تجمعنا معه اخوة الوطن، وكما قيل (الناس إما اخ لك في الدين او نظير لك في الخلق ).وأقول من واقع المعاشرة للآخر ،أنه عنصر ملتزم فيه الصدق والوفاء ،وفيه من حب الوطن مافيه ، إذا الحوارمعه هو الطريق الامثل لتحقيق  (السلام الاجتماعي )ومنه تتم توعية شرائح المجتمع واطره الاجتماعية والثقافية  لتنخرط جميعا في حوار جاد ومسئول يحقق لنا إنجازات منها
@  تنمية الاحساس بمكونات الشعب الارتري .
@ شيوع ثقافة الحوار مع الآخر.
@ تعميق شعور الإعتزاز بالهوية الوطنية .
@ تقريب وجهات النظر بين افراد المجتمع .
@ ترسيخ مفهوم المواطنة .
   إذا ضمانات نجاح هذا الحوار هو اولا إجراء مصالحة حقيقية مع الذات والتاريخ والجغرافيا ،وتنبع اهمية هذه المصالحة لمعرفة من نحن ،وماذا نريد ،وعليه يجد المتأمل أن الامم المتصالحة مع نفسها وثقافتها وجغرافيتها كتب لها النجاح والريادة والتفوق، وعليه فالنرفع جميع شعار ( الشعب يريد ان ينهي الانقسام ) وهذا الشعار يساعد على القيام بحوار جاد يخدم القضية الوطنية ويعزز النضال الوطني ،كما يعزز القواسم المشتركة بينا وبين الآخر ،ويقضي على مظاهر الولاء العشائري والجهوي والطائفي وكل مايعرض النسيج الاجتماعي الى التجزئة والإنقسام ،ويعمل هذا الشعار من ناحية اخرى على تغليب ارتريا (الانسان والارض ) على المصالح الشخصية والحظوظ النفسية ودوائر الذات ومسائل الإحتكار ،،
  فهمنا لهذا الحوار أن يكون ذا صبغة شعبية ،أي أن الشعب يديرُ الحوار بنفسه مع نفسه بيعدا عن مظاهر (التوكيل) والاعتماد على النخب ،فلتكن هذه الفرصة الوحيده لهذا الشعب المسكين ،الذي طالما تحدثت النخب السالبة باسمه وقررت في قضايا كثيرة مصادرة لحقوقه ،مع  أن شعبنا الكريم لم ينتخبها ولم يفوضها بل لايعرفها ؟ ،وهذا بدوره ينسجم مع البيئة التي حولنا والواقع الذي نحن فيه ،اذ أن الشعوب هي التي تقود الثورات بنفسها بعد ان فقدت الامل في النخب السالبه،والتنظيمات  التاريخية ،وادركت أن الاعتماد على النفس فضيلة ،والشعب الارتري لايقلُ عن الشعوب العربية في شيئ إن لم يتفوق عليها ،وعليه أن نظام هقدف لا محال  سيسقط وأن موقعه الطبيعي هو مذبلة التاريخ ، ومن هنا كان لزاما  علينا إحياء هذه الفريضة (الثقة المجتمعية )  بعد أن اماتها النظام وآخرون ؟ وآن الآوان للحوار مع الآخر والمصالحة الشاملة والإعتذار المشترك والمتبادل بين أبناء الوطن الواحد.
    وهذا  كله حتى يحتل شعبنا العظيم موقعا طبيعيا بين الامم ،ويعيش في سلام ورخاء وإستقرار ، وما ذلك على الله ببعيد ،،،،،

ليست هناك تعليقات: