بقلم / عبدالواحد شفا
يعتبرُ مصطلح الدولة المدنية من المفردات الحديثة في قاموس السياسية ،إذ أنه لم يكن شائع بل لم يكن موجود في كتب القداما ،وأول ظهور له على المسرح السياسي كان قبل ثلاثة عقود ، أي بعد انهيار الاتحاد السوفيتي ومن ثم بدأت تنتشر كتابات المنظرين حوله .
والدولة المدنية من المفاهيم التي كثر النقاش حولها ، بين مؤيد ومعارض ، الاسلاميون يرونها انها نتاج طبيعي لتطور الفكر الاسلامي وتماشيه مع متطلبات العصر ،لاسيما ان النظام السياسي الاسلامي مرن ليس له شكل وقالب محدد ،وإنما يدورُ حول عمليات إجتهادية بحيث يكون الناس اقرب للصلاح وابعد عن الفساد ، واليساريون ينظرون الى ان الدولة المدنية تنسجم مع منطلقاتهم الفكرية والثقافية ، هذا التوافق بين الفريقين دال على التباس المصطلح وقابليته للتفسير المطاط ، وتوافق الجميع على الدولة المدنية لا يخلو من حيل
(الخداع اللفظي ) verbal deception ، فالاسلاميون منهم من قبل بالدولة المدنية لانها
هي الانسب مع واقع المجتمع الارتري بتكوناته الاثنية والعرقية المختلفة ، ومنهم من قبل بها من باب حتى لايوصف بالرجعية وعدم المواكبة ، ومنهم من رفضها مدعيا بأن المصطلح وافد وانه (النسخة الناعمة( من الدولة العلمانية ،
لكن الملاحظ وكما قال الاستاذ فهمي هويدي أن اقلب الذين قبلوا بالدولة المدنية في الوطن العربي بلا تردد هم من اصحاب التوجهات اليسارية وممن تبنوا الدولة العلمانية لعقود من الزمان ،والتي تقوم على فلسفة إبعاد الدين عن الدولة ،وهذه المدرسة في الحقيقة كانت جزء من الديانة المسيحية لكنها تحولت إلى تيار فكري معين ظهر في مرحلة من مراحل التاريخ الاوربي تحت دواعي إقصاء دور الكنيسة ورجال الدين ، فهذه المدرسة كانت لها مبرراتها الثقافية والتاريخية والدينية في جميع انحاء اوربا .وعليه نحن نؤيد مفهوم الدولة المدنية بالمعنى المضاد للدولة العلمانية والدولة الثيوقراطية التي تتحكم فيها طائفة بأسم الدين .
ومما يؤسف له نحن لانشهد حراكا فكريا عامراً حول هذه المفاهيم بين التيارات الفكرية المتباينة ،وهذا مؤشر للقول بأن القوى اليسارية عندنا ضعيفة من حيث التأسيس الفكري ،والاسلاميون كذلك لم يكونوا بأحسن منها ، لكن السؤال اين دور المثقفين في تشغيل الساحة ؟ هنالك شخصيات كان يمكن أن تلعب دورا اكبر في تحريك الساحة فكريا وثقافيا ، لكن هذا مرهون بخروجها من القوالب الضيقة ، فمثلاً شخصية حسن سلمان بما تتمتع به من مؤهلات فكرية وثقافية عالية جداً كان يمكن ان تثري الساحة ، لاسيما وانه في مرحلة عمرية هي فترة الانتاج ،وكنت ممن يرى وخاصة بعد الازمة مع مجموعة الاصلاح أن يتجه شيخ حسن الى تأسيس مركز دراسات يغذي الساحة بأفكار ورؤى وقراءات جديدة للواقع السياسي والاجتماعي ، لكن للأسف الشديد هذه الفرصة قد ضاعت ؟ والشعب في حاجة الى (أب فكري) ، وفي هذا السياق يقول الباحث أزراج عمر ( فإن مهمة المفكرين ببلادنا تتمثل في خلق المناخ الثقافي والفكري والاخلاقي اولاً، ومن ثم رفع مستوى التكوين للمواطنيين حتى يشاركوا في صياغة مجتمعات التفكير ومجتمعات العمل،وذلك من اجل بناء المجتمع المدني وهو أول مراحل الدولة المدنية في صيغتها المنشودة)
اما بخصوص مقالنا عن الدولة المدنية نقول انها دولة مؤسسات مدنية تتميز بعدد من الخصائص :
@ عدم ممارسة الدولة ومؤسساتها أي تمييز بين المواطنيين بسبب الاختلاف في الدين والجنس والخلفيات الاجتماعية والجغرافية .
@ دولة يديرها مدنيون من اهل الاختصاص في الحكم والادارة والسياسة ويخضعون للمساءلة والمحاسبة .
@ أنها تتأسس على نظام مدني من العلاقات التي تقوم على السلام والتسامح وقبول الآخر .
@ المساواة بين المواطنيين في الحقوق والواجبات .
@ انها دولة عقد إجتماعي .
@ انها دول حريات منضبطة بقيم وثقافة المجتمع .
مهما يكن من مميزات لهذه الدولة فأن المسؤولية الاولى تقع على وعي المواطنيين ودورهم في بناء قواعدها واركانها ،
السؤال الجوهري ماهو موقع الدين في ظل الدولة المدنية ؟ يتخوف الكثيرون من إبعاد الدين والبعض الآخر من إدراجه على حد سواء ، لكن بكل ثقة اقول أن الدين جزء لا يتجزء من منظومة الحياة وهو الباعث الى الاخلاق والاستقامة ،و يظل عاملاً اساسياً من مكونات النظام السياسي ، ونكاد لا نجد دولة تفصل فصلا تاما بين السياسة والدين ، والبعض عندنا يتوهم بمفهوم صنعه من عند نفسه او نسجه من خياله حول الدولة المدنية ، مدعيا انها دولة مطلقة او انها دول بلا قيود و بلاضوابط وبلا مرجعية .
والجدير بالذكر والذي ينبغي الاهتمام به وتوجيه النظر إليه هو أن حال ارتريا لا يصلح بوضع نظام سياسي منفردا ،مهما أُوتى هذا النظام من قوة ومرونة ، وإنما لا بد أن يكون هذا النظام مصحوباً ببناء مشروع حضاري شامل يقوم على تغيير الواقع الاجتماعي والثقافي في حركة تكاملية تضامنية ، ومن ثم هذا الامرُ كله لا ينزل على الناس من (عل) وإنما يساهم فيه الناس جميعاً بمختلف إنتماءاتهم وتوجهاتهم الثقافية ،وهذه المساهمة نفسها مرهونة بوضع دراسات جدوى وآليات واولويات العمل السياسي ابتدءاً من مشكلة الفقر والامية ومروراً بظاهرة الإنتشار في الارض (الهجرة) هذه الظاهرة التي اصبحت عندنا اصل مع انها حالة إستثنائية ، ووصولاً الى حالة التراضي والتزاحم المحمود شأننا شأن الناس جميعا في الامم المتقدمة والمتحضرة .
هذه المحاولة المقالاتية تأتي في سياق تهيئة المناخ العام لمناقشة قضايا شكل النظام السياسي والذي بدوره يؤسس لممارسة سياسية ناضجة وراشدة ترتقي بوعي المثقف الارتري بصفة خاصة والمجتمع بوجه عام، وكما تقتضي الحكمة والعقل الصائب يجب ان نوظف كل إمكانياتنا ومؤاهلاتنا وطاقاتنا تجاه هذه التحديات ؟؟ ..
أخيراً هذه ملاحظات أو نقل إضاءات حول الدولة المدنية يقيني أنها لا تصلح (كرؤية) ولكن قناعتي تقول أنها تصلح لفتح باب للنقاش كان مغلقاً ، ليندفع من بعد اصحاب القدرات الفكرية والكتابية على حد سواء بأفكارهم الخصبة وارائهم المستنيرة ،وهذا كله حتى ينجلي ما لعق بالمصطلح من غشاوه او أضيف إليه من تفسير لم يكن يحتمله ، وهذا لعمري هو الذي ينفع الناس ويمكث في الارض ، ومن لم يشغل نفسه بهذا شغلها بمقالات تهريجية وبيانات تدعي الاهمية !!؟.
يعتبرُ مصطلح الدولة المدنية من المفردات الحديثة في قاموس السياسية ،إذ أنه لم يكن شائع بل لم يكن موجود في كتب القداما ،وأول ظهور له على المسرح السياسي كان قبل ثلاثة عقود ، أي بعد انهيار الاتحاد السوفيتي ومن ثم بدأت تنتشر كتابات المنظرين حوله .
والدولة المدنية من المفاهيم التي كثر النقاش حولها ، بين مؤيد ومعارض ، الاسلاميون يرونها انها نتاج طبيعي لتطور الفكر الاسلامي وتماشيه مع متطلبات العصر ،لاسيما ان النظام السياسي الاسلامي مرن ليس له شكل وقالب محدد ،وإنما يدورُ حول عمليات إجتهادية بحيث يكون الناس اقرب للصلاح وابعد عن الفساد ، واليساريون ينظرون الى ان الدولة المدنية تنسجم مع منطلقاتهم الفكرية والثقافية ، هذا التوافق بين الفريقين دال على التباس المصطلح وقابليته للتفسير المطاط ، وتوافق الجميع على الدولة المدنية لا يخلو من حيل
(الخداع اللفظي ) verbal deception ، فالاسلاميون منهم من قبل بالدولة المدنية لانها
هي الانسب مع واقع المجتمع الارتري بتكوناته الاثنية والعرقية المختلفة ، ومنهم من قبل بها من باب حتى لايوصف بالرجعية وعدم المواكبة ، ومنهم من رفضها مدعيا بأن المصطلح وافد وانه (النسخة الناعمة( من الدولة العلمانية ،
لكن الملاحظ وكما قال الاستاذ فهمي هويدي أن اقلب الذين قبلوا بالدولة المدنية في الوطن العربي بلا تردد هم من اصحاب التوجهات اليسارية وممن تبنوا الدولة العلمانية لعقود من الزمان ،والتي تقوم على فلسفة إبعاد الدين عن الدولة ،وهذه المدرسة في الحقيقة كانت جزء من الديانة المسيحية لكنها تحولت إلى تيار فكري معين ظهر في مرحلة من مراحل التاريخ الاوربي تحت دواعي إقصاء دور الكنيسة ورجال الدين ، فهذه المدرسة كانت لها مبرراتها الثقافية والتاريخية والدينية في جميع انحاء اوربا .وعليه نحن نؤيد مفهوم الدولة المدنية بالمعنى المضاد للدولة العلمانية والدولة الثيوقراطية التي تتحكم فيها طائفة بأسم الدين .
ومما يؤسف له نحن لانشهد حراكا فكريا عامراً حول هذه المفاهيم بين التيارات الفكرية المتباينة ،وهذا مؤشر للقول بأن القوى اليسارية عندنا ضعيفة من حيث التأسيس الفكري ،والاسلاميون كذلك لم يكونوا بأحسن منها ، لكن السؤال اين دور المثقفين في تشغيل الساحة ؟ هنالك شخصيات كان يمكن أن تلعب دورا اكبر في تحريك الساحة فكريا وثقافيا ، لكن هذا مرهون بخروجها من القوالب الضيقة ، فمثلاً شخصية حسن سلمان بما تتمتع به من مؤهلات فكرية وثقافية عالية جداً كان يمكن ان تثري الساحة ، لاسيما وانه في مرحلة عمرية هي فترة الانتاج ،وكنت ممن يرى وخاصة بعد الازمة مع مجموعة الاصلاح أن يتجه شيخ حسن الى تأسيس مركز دراسات يغذي الساحة بأفكار ورؤى وقراءات جديدة للواقع السياسي والاجتماعي ، لكن للأسف الشديد هذه الفرصة قد ضاعت ؟ والشعب في حاجة الى (أب فكري) ، وفي هذا السياق يقول الباحث أزراج عمر ( فإن مهمة المفكرين ببلادنا تتمثل في خلق المناخ الثقافي والفكري والاخلاقي اولاً، ومن ثم رفع مستوى التكوين للمواطنيين حتى يشاركوا في صياغة مجتمعات التفكير ومجتمعات العمل،وذلك من اجل بناء المجتمع المدني وهو أول مراحل الدولة المدنية في صيغتها المنشودة)
اما بخصوص مقالنا عن الدولة المدنية نقول انها دولة مؤسسات مدنية تتميز بعدد من الخصائص :
@ عدم ممارسة الدولة ومؤسساتها أي تمييز بين المواطنيين بسبب الاختلاف في الدين والجنس والخلفيات الاجتماعية والجغرافية .
@ دولة يديرها مدنيون من اهل الاختصاص في الحكم والادارة والسياسة ويخضعون للمساءلة والمحاسبة .
@ أنها تتأسس على نظام مدني من العلاقات التي تقوم على السلام والتسامح وقبول الآخر .
@ المساواة بين المواطنيين في الحقوق والواجبات .
@ انها دولة عقد إجتماعي .
@ انها دول حريات منضبطة بقيم وثقافة المجتمع .
مهما يكن من مميزات لهذه الدولة فأن المسؤولية الاولى تقع على وعي المواطنيين ودورهم في بناء قواعدها واركانها ،
السؤال الجوهري ماهو موقع الدين في ظل الدولة المدنية ؟ يتخوف الكثيرون من إبعاد الدين والبعض الآخر من إدراجه على حد سواء ، لكن بكل ثقة اقول أن الدين جزء لا يتجزء من منظومة الحياة وهو الباعث الى الاخلاق والاستقامة ،و يظل عاملاً اساسياً من مكونات النظام السياسي ، ونكاد لا نجد دولة تفصل فصلا تاما بين السياسة والدين ، والبعض عندنا يتوهم بمفهوم صنعه من عند نفسه او نسجه من خياله حول الدولة المدنية ، مدعيا انها دولة مطلقة او انها دول بلا قيود و بلاضوابط وبلا مرجعية .
والجدير بالذكر والذي ينبغي الاهتمام به وتوجيه النظر إليه هو أن حال ارتريا لا يصلح بوضع نظام سياسي منفردا ،مهما أُوتى هذا النظام من قوة ومرونة ، وإنما لا بد أن يكون هذا النظام مصحوباً ببناء مشروع حضاري شامل يقوم على تغيير الواقع الاجتماعي والثقافي في حركة تكاملية تضامنية ، ومن ثم هذا الامرُ كله لا ينزل على الناس من (عل) وإنما يساهم فيه الناس جميعاً بمختلف إنتماءاتهم وتوجهاتهم الثقافية ،وهذه المساهمة نفسها مرهونة بوضع دراسات جدوى وآليات واولويات العمل السياسي ابتدءاً من مشكلة الفقر والامية ومروراً بظاهرة الإنتشار في الارض (الهجرة) هذه الظاهرة التي اصبحت عندنا اصل مع انها حالة إستثنائية ، ووصولاً الى حالة التراضي والتزاحم المحمود شأننا شأن الناس جميعا في الامم المتقدمة والمتحضرة .
هذه المحاولة المقالاتية تأتي في سياق تهيئة المناخ العام لمناقشة قضايا شكل النظام السياسي والذي بدوره يؤسس لممارسة سياسية ناضجة وراشدة ترتقي بوعي المثقف الارتري بصفة خاصة والمجتمع بوجه عام، وكما تقتضي الحكمة والعقل الصائب يجب ان نوظف كل إمكانياتنا ومؤاهلاتنا وطاقاتنا تجاه هذه التحديات ؟؟ ..
أخيراً هذه ملاحظات أو نقل إضاءات حول الدولة المدنية يقيني أنها لا تصلح (كرؤية) ولكن قناعتي تقول أنها تصلح لفتح باب للنقاش كان مغلقاً ، ليندفع من بعد اصحاب القدرات الفكرية والكتابية على حد سواء بأفكارهم الخصبة وارائهم المستنيرة ،وهذا كله حتى ينجلي ما لعق بالمصطلح من غشاوه او أضيف إليه من تفسير لم يكن يحتمله ، وهذا لعمري هو الذي ينفع الناس ويمكث في الارض ، ومن لم يشغل نفسه بهذا شغلها بمقالات تهريجية وبيانات تدعي الاهمية !!؟.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق