المؤتمر الوطنى بين النزوات الشخصية وأطماع الدولة المضيفة ..
ربما يعتقد الحادبين على نجاح المؤتمر إن هكذا عنوان يمثل خروجاً عن النص وفى ذات الوقت يمثل طعنة لجهود الكثيرين من قوى التغيير الوطنى لكنى أقول إن الأمر ليس كذلك فكل الإرتريين الشرفاء يرغبون فى التغيير ويحلمون به ويدعمون كل خطوة تدفع فى إتجاه التغيير لكننى هنا أكتب من باب الحرص على سلامة مخرجات المؤتمر وضرورة تحقيقه للمكاسب الوطنية العليا والخوف على مسيرة النضال من التغول والإستلاب خاصة وأن مظاهرها كانت قد ظهرت ولو فى خفوت عند ملتقى الحوار الوطنى !!
وحين نتناول أطماع الدولة الأثيوبية نؤكد بأن لكل دولة الحق فى البحث عن مصالحها فلأن تبحث إثيوبيا عن التأثير فى التحولات السياسية شىء مألوف وغير مستغرب فكل دولة لها معاييرها التى تتعامل بها مع معارضة أى دولة حسب الجغرافيا والتاريخ لتحافظ على مصالحها وتضمن إستقرارها فى كل المناحى التى يتوجب على الدولة حمايتها وصونها!
لكن ما نود التركيز عليه هو التنبيه بأن جبهة المعارضة فى أى بلد هى التى تحافظ على علاقة متوازنة بينها والدولة المضيفة تراعى فيها مصلحة كل الأطراف فى معادلةٍ متوازنة دون إفراط ولا تفريط ،
لكن حين تختلط المصالح بين التنظيمات قيادةً كانت أو كيانات فى علاقتها مع الدولة المضيفة تختزل المصالح الوطنية العليا للوطن والشعب فتذهب بذلك معظم مقومات السيادة التى يُناضل من أجلها الجميعُ أدراج الرياح ،وعندما يُضاف على ذلك ضعف المعارضة تخلقٌ حالة من الأطماع لدى أى دولة أخرى تستضيف المعارضة لتُحقق من وجود المعارضة على أراضيها أكبر المكاسب وهو ما نود الإشارة إليه فى هذا المقال والتنبيه من خطورته لتدارك ما يمكن تداركه ووضع العلاقة فى مكانها الصحيح .
لماذا التركيز على المؤتمر الوطنى:
ربما تُطرح مجموعة من التساؤلات حول الكتابة بهذه الطريقة عن المؤتمر وقد يعتقد البعض بأن هنالك مأرب أخرى من هذا التوجه لكن عزيزى القارىء هنالك أسباب تجعلنى أكتب بهذه الطريقة وهذا الأسلوب وهو أن :-
1- ألمؤتمر يمثل محطة تاريخية مهمة فى حياة المواطن الإرترى.
2- مخرجات المؤتمر ستؤثر سلباً أو إيجاباً على الواقع والمستقبل فى إرتريا .
3- ضياع حُلم قيام دولة ديمقراطية فى أرتريا على الأقل فى هذه المرحلة .
4- تفويت فرصة إسقاط النظام المتوافرة حالياً مع صحوة الشعوب العربية (ربيع الثورات ).
5- قد يتعرض الوطن لمهددات عدة فى نواحى كثيرة إذا لم يحسن القائمون عليه إدارته بشكل صحيح وسليم ...
6- لأهميته يمكن أن يكون عُرضة للإختراق .
7- الخوف من قيادة دفة المؤتمر قيادة غير وطنية تسعى فقط لتحقيق الذات .
فالمؤتمر يعبتر محطة تاريخية ذات أهمية قصوى فى تاريخنا المعاصر وأن كثيراً من الأمال معقودة عليه منها إزالة نظام أفورقى، وبناء دولة ديمقراطية، وتحقيق الإستقرار المجتمعى فى إرتريا ،وهى من الأولويات الرئيسة المراد تحقيقها عبر محطة المؤتمر .
النزوات الشخصية :-
قد يظن البعض أن القضايا الوطنية الكبرى هى قضايا عامة فلماذا الإهتمام بالجوانب الشخصية والتركيز عليها وتضييع الوقت والجُهد فيها وكان يجب الإلتفاف لما هو أهم وأفيد فأقول :-
@- أليست بعضاً من الشخصيات تكون سبباً فى إنتكاسة شعبٍ و تعاسته .
@- أليست بعض الشخصيات تُسهم فى تطوير مجتمع من نقطة الصفر الى مصاف الثريا !!!
@- أليست بعض الشخصيات تكون سبباً فى تحر ير أمة كعواتى ومانديلا مثلاً!!
ثم أليس من حقنا أن نحلم بمؤتمراً تشع منه فضاءات العدالة وتُلفظ منه كوابيس الظلم الذى يسببه فرد متسلط كحالة أفورقى، وبن على، والقذافى !
ثم أليس من حقنا أن نحلم بمؤتمراً يضع حداً لقراصنة السلطة الذين يبيعون الشعوب والأوطان بدراهمٍ بخسة !
ثم أليس من حقنا أن نحلم بمؤتمراً تتحد فيه الرؤى لبناء الوطن المستقبل ويتم فيه تقزيم الرؤى الحزبية والتنظيمية الضيقة !
ثم أليس من حقنا أن نحلم بمؤتمراً يتأثر بمحيط ثورات الشعوب لا مؤتمراً تتحرك فيه النخُب والمثقفين متهافتةٍ على مقعداٍ هنا وعضويةٍ هناك!
بناءاً على ماسبق فالأجدى على كياناتنا أن تتجرد من التالى :
@- أن لايكون محور تفكيرها كم تكون عضويتها وما هو تمثيلها بقدر ما نريد أن تركز إهتمامها بإختيار القوى الأمين والوطنى الغيور ...
@- أن لا يكون محور نظرتها نصيبها من السلطة والمنصب والتركيز والتفكير فى ملامح الدولة الإرترية القادمة وكيفية بناء دولة المؤسسات التى تحفظ للجميع حقوقهم ...
@- أن لا تُسلم زمام الأمور الوطنية الكبرى لمن لا يستحق من القيادات وأن يكون ذلك مشروطاً بالسيرة النضالية المرتبطة بالإخلاص الوطنى لأن عدم الأخذ بهكذا إشتراط يعتبر مجازفة وعدم تقدير لقضايا الوطن الكبرى ....
لماذا أطماع الدولة المضيفة:-
إنه من الطبيعى أن تحافظ كل دولة على مصالحها العليا لأن ذلك مربوط بصيرورة الدولة القائمة ونظام الحكم فيها ،ومرتبطُ كذلك بأمنها القومى فى جوانب شتى السياسية والإقتصادية والسيادية هذا فى الحالات الطبيعية للدول وحين تكون الحالة قيد التناول فى حالات الدول الفاشلة كإرتريا مثلاً دولة بلا قانون، ولا مؤسسات دولة ،ولا برلمان منتخب ، ولادستور ، فمن الطبيعى أن تنشأ هنالك تخوفات من دول الجوار وإثيوبيا بالطبع هى إحداها لكن إطلاق صفة الطمع فى حال الدولة الإثيوبية يعود على الكيانات الإرترية الهشة التى لا تملك معايير التعامل مع الدولة المضيفة من ناحية ولا ألية لحلحلة إشكالياتها الداخلية مما يستدعى تدخل الدولة المضيفة لرأب الصدع بينهما وهو أمر غير مقبول فيمن يناضل من إسترداد حقوق الشعوب المسلوبة!!!
ثم لا ننسى قطعاً جغرافية الدولة المضيفة وتاريخها ليس بالضرورة نظامها القائم الذى كان حليفاً لنضالات شعبنا من أجل التحرر لكن قطعاً لابد من الإستناد إلى مرجعية الدولة فى مختلف حقبها التاريخية وأنظمة الحكم فيها لأن الدول ينسحب عليها الماضى ويصنع خطوط سيرها العام ولو بدرجات مختلفة وأعتقد حتى لو النظام القائم حالياً وقف مع حقوق شعبنا يوماً فإنه قد تكون بينه وبين الأنظمة السابقة من خطوط تلاقى فى المصالح العليا لدولة إثيوبيا وهذه نقطة جوهرية تستدعى الوقوف عندها والتعاطى معها بإيجابية وبلا مجاملة ولا مداهنة لأن قضايا الشعوب إما أن تتعاطاه برؤية أو تترك أمرها لأن الشعوب هى التى تتحمل تبعات النضال ونتائجه ..
ولهذا فإن وضع المعارضة قد يكون سبباً فى توفر مناخات الطمع لدى الدولة المضيفة ،
وهذا ماقد يمكن التنبؤ بحصوله فى الحالة الإرترية ولهذا المنحى من التحليل قرائن ودلالات لا تحتاج إلى ذكاءُ فى التحليل ودقة فيه ،ولربما يتساءل البعض ما هى مؤشراتك حتى تهاجم الدولة المضيفة بهذا الأسلوب التحليلى غير المقبول طالما أن إثيوبيا هى الدولة الوحيدة التى تدعم جبهة المعارضة وهى السند الحقيقى فى الوقت الراهن وقد خزلها السودان فأقول :
@- إن إثيوبيا أستطاعت وبشكل ملحوظ بناء شخصيات إرتريةبجبهة المعارضة لها الولاء المطلق لدولة أثيوبيا ولهم إمتيازات فى الرعاية والإهتمام ما قد يؤهلهم ليلعبوا دوراً لا يتسق مع نضالهم ولا تاريخهم ولا التكوين المجتمعى الذى ينحدرون منه ..
ولا يخفى على المتابع محاولات إثيوبيا لتسويق فكرة النظام الفيدرالى حتى أن هنالك كيانات وصلت لمرحلة تدبج فيها البيانات موضحةً فيه وبشكل صريح إيمانها بنظام الحكم فى الدولة المضيفة ومحاولة تطبيقها فى أرتريا وبغض النظر عن فكرة الحكم وتصوره وقبوله ورفضه لأن ذلك مسألة تعود لإختيارات الشعوب وقراراتها لكن يعتبر نشر هكذا بيانا إعلان الولاء المطلق للدولة المضيفة وهو ماقد يتيح فرصةً أوسع لتحقيق مصالحها وفرصة للتنظيم صاحب البيان أو الكيانات التى تندرج ضمن قائمة الولاء أن تتصدر القوائم ويكون لها النفوذ على الأقل فى حدود الدولة وهو ما قد يؤثر فى النضال بالجملة من ناحية والمخرجات غير الواقعية لكل المؤتمرات لأن النتائج مدعومة سلفاً من الدولة المضيفة وفوق هذا فإن نشر هكذا بيانات له دلالته وأبعاده فى السياسة ...
@- ثم أن سمنار النخب الذى أقيم على نفقة الدولة الإثيوبية بعيداً عن مظلة التحالف الوطنى يجلعنا نضع خطوطاً عدة من علامات الإستفهام ؟
من الذى خول للدولة الإثيوبية أن تقوم بمثل هكذا ملتقى دون مظلة جبهة المعارضة ؟
ومن هو الذى وضع معايير التمثيل ؟
ومن الذى كفل ضمان تمثيل لكل التكوينات الإرترية ؟
كل هذه تساؤلات مطروحة لاتحتاج إلى إجابات بقدر ما تبرهن على وقائع من تدخلات قادمة يجب تداركها مع الدولة المضيفة ووضع ضوابط لعدم حدوثها مرةً ثانية ولست هنا سوى مواطن عادى بسيط يدرك متلازمات كل عمل وفعل ويقيس عليها الأمور .
ثم على جبهة المعارضة أن تتفق على ميثاق شرف وطنى يحدد نطاق العلاقة ومسافاتها بين التنظيمات والدول ولا تترك هذا لهوى الافراد ورغباتها وتطلعات الكيانات وأشواقها الخاصة لأن هذا الأمر مرتبط بصميم التغيير المنشود ..
وختاماً نثق بالدبلوماسية التى تتمتع بها الدولة الإثيوبية والذى يظهر بوضوح فى توازن علاقتها مع الدول والمنظمات فعبر هذا المقال نريد منها فقط التعامل مع جبهة المعارضة بإعتبار أنه تمثل المطالب الوطنية المشروعة للشعب الإرترى وحين تكون نظرة التعامل هذه منطلقاتها تستطيع أن تحقق أمنها وأمن المنطقة وشعوبها .....
والله من وراء القصد …
المقال القادم
مسلسل الإعتقال إلى أين ..؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق