إن التعاطى السياسى يقتضى من العاملين في حقل السياسية ، إعمال
المزيد من الدراسة والتحليل وقراءة الواقع بصورةٍ أكثر دقة لمشكلات مجتمعاتهم
وبلادهم ! وأن الذين يلجون طريق بناء الأمم والأوطان ويتحملون تبعات التغيير فيها
لأنظمة متسلطة تبتز شعوبها، وتُهدر قدراته، وتُهين كرامته ، وتهز سيادته، وتُحيل سلمه الإجتماعى للخطر، وتنميته للإنهيار
، يحتاج من يعمل فى مثل هكذا وضع لذكاءاٍ شديد وقدرة على إستغلال الظروف والفُرص
لعله يجد لمجتمعه مساحة يمكنها أن تتمدد عبر الزمن لتُصبح مشكاة الدخول لفضاءات
أرحب يتحقق عبرها تطلعات المجتمع من بسطٍ للحريات! وتحقيقٍ للعيش الكريم مع عدالة
التمثيل والمساواة ! مراعيةً فى ذلك التدرج والتمرحل لأن مخلفات الأنظمة القمعية
تتطلب قدراً من المرونة وفصلاً من
الزمن ! لأن معول السلطة المستبد يسبر أغوار
المجتمع هدماً ! وتفتيتاً ! لكل مقومات الدولة سياساتها، وعلاقاتها، وسيادتها، وفى
الجانب الإجتماعى تعايشها، وتجانسها، فحصاد الأوطان من مثل تلك الأنظمة هو موروث
ُضخم من التخلف والإنكفاء والعزل،كل هذا يستدعى تكلفةً باهظة تُدفع فاتورتها من
عمر الشعوب والأوطان..
ونحن فى ظل نظام افورقى الذى طالت مُدته، وكثُر فساده، وعمل
بكل جُهد لإفقار شعبنا، وتجويعه، وقتله لطموحاته وتطلعاته وصارت جرائمه تزداد حدةً يوماً إثر يوم بشكلٍ
مُخيفٍ ومُهدد ما يتطلب منا جميعاً البحث عن حلولٍ ومخرج،
وبناءاً على ذلك تقوم هذه الأيام مجموعة من قيادة الجبهة
الشعبية بالخارج بإجراء مشاورات وجولات بقصد تدارك الوضع فى حال إنهيار النظام
وسقوطه للحفاظ على الدولة ومؤسساتها المختلفة خوفاً من ضياع المكتسبات الوطنية
كسيادة الدولة الأرترية ، وسلمها الإجتماعى ، فضلاً عن مُهددات التناحر فى ظل عدم
تماسك القوى الوطنية التى تعج بها ساحة المعارضة، وعدم توافقها على رؤية التغييركمنطلقٍ
ومرجع، وإنحصار تلك الرؤى فى التنظير وإنعدامها عند الممارسة والتعاطى السياسيى
فيما بينها وهو مالا يحتاج فيه الفرد لبُرهانٍ ودليلٍ ! فضُعف الأداء، وإنعدام
الولاء للقضية، وتداخل الخاص الحزبى والشخصى فى صميم الأهداف الوطنية حال دون
تحقيق قوى المعارضة أى خطوات متقدمة فى مسيرة التغيير فضلاً عن تماسكها كقوى وطنية
تحمل رسالة ذات مضامين ، بل للأسف ظلت مؤتمراتها محطة للتراجع! ومصنعاً للمزيد من
التفريق والإختلاف! صحيحُ بأن هنالك عوامل خارجية لكن هنالك
عوامل ذاتية أتاحت الفرص للإختراق الخارجى الذى بات يُهدد مستقبل البلاد والعباد
فى حال وصول تلك القوى بهكذا وضع للداخل مما يشى أن تصبح أرتريا صومالاً أخر أشد تناحراً
من الصومال.
وفى الحلقة القادمة سأتناول ما هى
رؤية من يقود الحراك الخاص بقيادة الجبهة الشعبية وأهليتهم ؟وماذا يمتلكون من
مقومات التغيير وهل تستوعب رؤيتهم الأخر من القوى الوطنية أم هى حكرُ لحزب الجبهة
الشعبية؟وماهى سلبيات هذه الخطوة وإيجابياتها ؟ وماذا يجب أن تكون رؤية قوى
المعارضة حيال هذا التحرك الذى يشق طريقه مسنوداً بقبول الداخل فأنتظرونا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق