بقلم الكاتب / محمد رمضان
الأنظمةكما حياة الإنسان تحتاج إلى تجديد وتغيير ليكون عطاء الفرد وإنتاجه وافراً ونجاحاته مُتصلة،
فمساحات التنويع فى شتى مناحى الحياة واجبة ولازمة هذا على مستوى الأفراد فكيف بالأنظمة التى تُدير الدول والمؤسسات فهى بالطبع تحتاج إلى تنويعٍ فى الموارد، وتجديداً فى السياسات، وتطويراً فى القوانين والنُظم،وتحديثاً للخُطط،ووضعاً للدراساتٍ ، وتغييراً فى الوجوه !ورقابةً فى الأداء ،وإعمال التحليل والمراجعة لما سبق ذكره لمعرفة النتائج والأثار المترتبة على المواطن والمحيط، هذه هى مقومات ديمومة الدولة المتعافية التى تمتلك علاقات متوازنة مع المؤسسات الدولية ومع مواطنيها ودول الجوار لا الدولة
المتشاكسة مع جيرانها والمُضطهدة لمواطنيها كحال النظام فى أرتريا!
والنظام
الحاكم فى أرتريا مع فقدانه لأبسط معايير نظام الدولة من حيث صناعة القرار فيها
وهياكل الدولة وقوانينها المُنظمة لكن ظلت السمة الأبرز لنظام الحُكم فى أرتريا هو
السُكون والجُمود على مدار 24 عاماً فى عالمٍ مُتحرك ومُتجدد!
أفورقى مُمسك
بكل ملفات الدولة الإستثمار ، التجارة ، المشاريع الزراعية ،القضاء ، الخارجية،
فضلاً عن الجانب الأمنى والعسكرى ...
فقدت الدولة
علاقاتها مع معظم المؤسسات الإقليمية والدولية بسبب سوء إدارتها ...!
وفقد المواطن
الإحساس بالأمان بالداخل بسبب بطش الجنرالات وتحكمهم فى مصير العباد بلا رادع ولا
قانون..!
وإزدادات
وتيرة الإنحدار فى مجالات التنمية والتعليم والصحة والخدمات....!
وأمل التغيير
نحو الأفضل فى ظل أفورقى صارت مستحيلة ...!
فالنظام وصل
مرحلة من الشيخوخة والعجز قد يضطر معها لإحداث تغييرات غير متوقعة لاترد فى حسبان
المواطن البسيط لأن إستمراره على هذا النمط مستحيل جداً وتاريخ الدول والأنظمة تؤكد
ذلك فإما أن يُعيد النظام إعادة إنتاج نفسه من جديد ليكسب عمراً أخركمحاولة أفورقى
كتابة دستور وغيرها من الترتيبات مع الإبقاء على سياسة الإضطهاد وهذا لن يمنح
النظام عُمرا جديداً كما يعتقد بل سينتكس النظام سريعاً وسيكون هذا بداية التغيير أوحدوث
إنهياراٍ مفاجىء غير متوقع كالمحاولة الإنقلابية التى قام بها الجيش فى عام 2013
بقيادة الشهيد على حجاى .
فالمؤشرات
تحمل فى طياتها الكثير المثير من التحولات وقطعاً لن تكون فى صالح الوطن والمواطن
إن كان أفورقى على رأس السلطة حاكماً ،
عبر هذه
الإطلالة المتواضعة نستعرض بعداً من التوقعات فى ثنايا المقال ونطرح فيها وجهة
النظر التى نرَ وهى مُجرد رؤية وتحليل لا أكثر وقد تكون بداية لفتح باب التوقعات
والتكهنات لدراستها وإتخاذ موقف حيالها عوض أن لا تكون لدينا أية إحتمالات وتوقعات
فى هذا الصدد كما حدث عند قيام حركة 21 يناير لم يكن للمعارضة حينها مُتحدثاً رسميا على الأقل، وكما حدث فى
الإستفتاء المصيرى على إستقلال أرتريا حيث لم يكن للقوى الوطنية رؤية مُوحدة حول
وجوب المشاركة فى الإستفتاء أو عدمه رغم الإستدراك المتأخر والمشاركة ، والان هنالك
تغيير لبطاقة الهوية الأرترية وموقفنا كمعارضة حتى الأن غير واضح وينبغى أن يكون للمعارضة رأى فيها، عليه يجب
علينا دراسة الإحتمالات والتوقعات وكيفية التصرف مع المتغيرات والإهتمام بالتوقعات
تماماً كما نهتم بتناول ومناقشة الظواهر والمُستجدات ...
هذا وإن حُدوث
إنهيار مفاجىء قد يكون ناتجاً من إنفراط الرقابة الأمنية عبر ثورة مُجتمعية سلمية
أو حتى نتيجة رفض ممارسةٍ ما وقد تتفاقم لتمتد الشرارة على ربوع أرتريا خاصة وأن
الشعور بالغُبن قد إزداد بصورة ملحوظة فى السنوات الأخيرة ،
وعن الإنهيار
عبر قيام تمرد مفاجىء من قيادات بارزة فى الجيش قد تُحدث ربكة فى المشهد وتُصبح
أداة ونواة الإنهيار والتغيير ومع حالة الإحتقان الشعبى والظروف الصعبة الخانقة
التى يمر بها الوطن فحدوث هكذا تغيير مُتوقع بصورةٍ كبيرة خاصة وأن هنالك عدم رضى
تام من العسكر فى كيفية إدارة افورقى
للدولة وعلى رأسها المؤسسة العسكرية .!
وأما عن
فرضية التحول المفاجىء فى أرتريا فهنالك عدة فرضيات ولكن من المستبعد تماماً إشراف
افورقى المُمسك على مفاصل الدولة ومؤسساتها إن كانت هنالك مؤسسات أصلاً على عملية
تحول للسلطة حتى لأتباعه ممن يقودون ضفة الحُكم معه غير متوقعة من أفورقى ذلك لأن
عقلية أفورقى المُسيطرة والمُهيمنة تعتقد بأن أرتريا هى ملكُ له ولكن ربما فى حالة
ضعف سيطرته على الوضع وشعوره بالعجر قد تجعله يُفكر فى إحلال السلطة لمن يثق فيهم
من أركان النظام وعلينا أن لا نستبعد ذلك...
وتُضاف
لفرضية التحول الأولى حالة وصول المحيطين لأفورقى لمرحلة اليأس من قيادة أفورقى
وإنعدام التغيير هذا قد يؤدى إلى إزالة أسياس افورقى من المشهد بوضعه فى إقامة
جبرية أو منعه من دخول البلاد فى حالة زياراته الخارجية وهذه فرضية متوقعة على
الرغم من ضعف الشخصيات المحيطة بأفورقى، لكن ما يجهله الكثيرين فإن كثيراً من
قيادات الجبهة الشعبية على تواصل بالداخل والخارج ترَ أن أفورقى سبب أزمة ارتريا
وبالتالى لابد من إخراجه من المشهد ومتفقون على هذا الرأى وحين يُدرك الكثيرين
منهم بأن التغيير لن يكون خصماً على سلامتهم سيكون هنالك تغيير حتمى مفاجىء ! وبالتالى
فمن الصعب بمكان إستمرار الوضع على ماهو عليه ...
ولكن هل
بمقدورمن يتولون السلطة فى الفرضية الأولى أومجموعة التغيير فى الفرضية الثانية
قادرة على إدارة الدولة وإعادة قطار الدولة لمسارها الصحيح، الإجابة قطعاً لا فالإنحدار
والإنهيار المؤسسى وفقدان الكادرالقيادى إضافة لحالة العشوائية فى العلاقة بين
مؤسسات الدولة وصلاحية وضع القيادات العسكرية الغريب والمُعقد لن يتيح قيادة
الدولة بالصورة المطلوبة بل سيُعرض البلاد لحالة من الفوضى الداخلية بين أركان
القيادات التى تُحرك المشهد ولا نستبعد تدخلات خارجية تحت ذرائع مُتعددة وواجهات
مختلفة خاصة لأن بنية الدولة الضعيفة والهشة فى ظل أفورقى ستكون فى حالة غيابه فى
أضعف وأهون حالاتها، عليه يبقى أمامهم فقط خيار جمع صف قيادات الجبهة الشعبية التى
خرجت عن نظام الحُكم التى ظلت صامتة أوالتى إنخرطت فى جبهة العمل المعارض داخل
المنظمات أو الكيانات السياسية مع تمليحها بالكيانات الأقرب لهم كجبهة الإنقاذ على
سبيل المثال لا الحصر وبعض القوى التى قد تتفق فى جوهر نظام الحُكم القائم (حزب
الشعب) مثلاً وتختلف فى طريقة الحُكم وأسلوب الممارسة المُتبعة فيه .
هذا الخيار
الأخير على الرغم من سلبياته المُتعددة ولا يلبى قطعاً طموحات وتطلعات شعبنا إلا
أنه يُمثل جسراً لإنقاذ الوطن من وهدة التردى ويمثل الوصفة الأمثل للخروج من قبضة
الديكتاتور بخسارةٍ أقل ثم تتم مرحلة إستعادة الإستحقاقات الوطنية المُسلوبة
بالتوالى حسب الأهمية على أن تكون بناء
مؤسسات الدولة وبسط الحريات وإقامة العدل وعمل حكومة إنتقالية ودستور إنتقالى
يُعيد التوازن للدولة الأرترية هى الخطوة المهمة ، وهكذا تكتمل حلقات البناء
لمؤسسات الدولة المدنية وتسود حالة من
الإستقرارالإجتماعى وتُزال مُخاوف ومُخاطر المخاض فى حالة حدوث التغيير المفاجىء الذى
قد يؤدى لصوملة أرتريا ويمنح فرصة التدخلات الخارجية تحت ذرائع حفظ الأمن الأقليمى
إن لم تكن طريقة الإحلال على نحو الإنتقال المُمرحل لبناء الدولة المدنية..!
وفى تقديرى
فإن الميل نحو كبح رغبة إجتثاث النظام من جذوره والنزوع نحو التغيير المُتدرج مصدره
التشظى الحاصل فى جبهة المعارضة وقواها الوطنية حيث أن العمل المعارض دخلته كيانات
تحمل فى جُعبة شعاراتها مُهددات للكيان الوطنى ونسيجه الإجتماعى ما يستدعى تقليب
مصلحة حماية المكتسبات الوطنية كحماية السيادة أولاً وحماية النسيج الإجتماعى ثانياً
مُقدمة على ماسواها من الإستحقاقات التى
يمكن تأجيلها لمرحلة لاحقة .
لاشك إن ما
ذهبت إليه من رأى يعتبره البعض ردة عن مسيرة النضال لكن على العكس من ذلك فالواقع
الأرترى اليوم شعباً ودولة على كف عفريت ما يستلزم تقليب كل الخيارات وإختيار
الأفضل منها والأسلم لتجاوز المرحلة الأخطر على مصير بلدنا أرتريا ...!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق