الثلاثاء، 4 يناير 2011

الدعوة الى التقارب الفكري من أجل إنقاذ الوطن ( 3ـــ 3 )

 بقلم / محمد امان ابراهيم انجابا
                    بعد أن تناولت النظريات الفكرية والايدلوجية السياسية بشقيها كمفاهيم تمثل أطر رئيسية فى الساحة السياسية الارترية فكان عليّ لزاما أن أتناول بقية المكونات السياسية الارترية التى تتمثل فى الأتى: ( الحركات الفدرالية ، جبهة القوميات ، حزب النهضة الارتري ) كتنظيمات متقاربة فى توجهاتها من حيث المكونات والمنطلقات وكلها نتاج رد فعل لتصرفات النظام الدكتاتورى .


الفدرالية عنواناً للتفتيت :
أصل الكلمة قادم من الكلمة اللاتينية (فيدير=الثقة).
تعريف الفدرالية  : شكل من أشكال الحكم تكون السلطات فيه مقسمة دستورياً بين حكومة مركزية ووحدات حكومية أصغر (الأقاليم، الولايات)، ويكون كلا المستويين المذكورين من الحكومة معتمد أحدهما على الآخر وتتقاسمان السيادة في الدولة. أما ما يخص الأقاليم والولايات فهي تعتبر وحدات دستورية لكل منها نظامها الأساسي الذي يحدد سلطاتها التشريعية والتنفيذية  والقضائية ويكون وضع الحكم الذاتي للأقاليم، أو الجهات أو الولايات منصوصا عليه في دستور الدولة بحيث لا يمكن تغييره بقرار أحادي من الحكومة المركزية.
..... المصدر ويكيبيديا الموسوعة الحرة .......
ومن خصائص النظام الفدرالى الرغبة الطوعيه فى الوحدة الوطنية ، والتصميم على كل إقليم فى إستقلاليته والمحافظة على كيانه الذاتى داخل الوطن...
الحركات الفدرالية تنقسم الى شقين الأولى بقيادة بشير إسحاق والثانية حركة قوات التحرير الشعبية وهى وليدة حديثاً ، فماهو الغرض من نشأتها إذا كان هناك تنظيم يتبنى هذا النظام الإدارى؟ هل لكثرة العدد أم لبحث موطن قدم فى المرحلة القادمة ؟؟ وما هو الجديد فى الطرح ؟ هل نحتاج لهذا الكم من التنظيمات الارترية التى عبارة عن نسخ كربونية وطبق الأصل ؟.. هذا غير أن هاتان الحركتان فى الظاهر تدعوا الى لفدرالية وفى الباطن أشياء وأشياء .. بالله أرحموا إنفسكم قبل أن ترحموا الشعب الارتري.

الفدرالية هى نظام حكم وآلية إدارية ولم تكن مفهوم سياسىي أو فكر إيدلوجي تنظيمي ، ورغم ذلك بعض الإرتريين ينشئون تنظيم سياسي على نظام إداري وآلية حكم ، ويسعون من أجل فرضه على الشعب الإرترى ، وهذه الآلية تحتاج الى توافق وإجماع سياسى ، على غرار أيهما أصلح وأنفع لنظام الحكم فى ارتريا ؟ وثم بعد ذلك تأتى مرحلة الخيار والتصويت للشعب ويختار النظام الذى يناسب مكوناته الأساسية...
النظام الفدرالى يحتاج الى وعى سياسى وإرادة جماهيرية لكى يحقق المنشود ، ويجب التيقن من تطبيقه بالطريقة المثلى حتى لاتكون أداة تفتيت وتقسيم ، والتاكد من عدم إستخدامه لتجزءة الوطن ..
هناك معطيات وواقع لايمكن تجاوزه . خروج ارتريا من حرب دامت ثلاثون عاماً وثم وقوعها تحت قبضة الدكتاتور عشرون عاماً ،، وأغلب الشعب الارتري يعانى من الجهل والفقر والتشرد . خمسون عاماً لم ينعم بالحرية الحقيقية والإستقرار ، فيجب منحه فرصة ليتسلح بالمعرفة وفى هذه المرحلة نعمق المفاهيم السياسية والفكرية من خلال التعبئة والتدريب ، نغرس مفاهيم الديمقراطية ونمارسها ، ويمكن بعد ذلك طرح الفدرالية أما الآن الوقت ليس فى صالح هذه الحركات التى إرتضت أن يكون هذا النظام فكراً ومشروعاً سياسياً لها.
الفدرالية تميل الى التفتيت ، وهى شكل من أشكال الحركات الإنفصالية التى تنطلق من تحقيق الحكم الذاتى وفى التطبيق تذهب بعيداً الى حق تقرير المصير ، وفى الشأن الإرتري تشجع الحركات الإنفصالية أى جبهة القوميات الى المضى قدما على هذا النهج الإنفصالى ..
كيف لنا نضمن النظام الفدرالى يحقق الوحدة ولا يشجع على الإنفصال ، ولاسيما خروجنا من حكم إستبدادى أدى الى شرخ الوحدة الوطنية وتلاعب بمكوناتها .. يمكن أن نقول هذا النظام سابق لآوانه ..
لكى تذهب هذه الحركات الى ماتريد كان يجب عليها التأكد من المواطنين يؤيدون الوحدة والولاء للدولة جنبا الى جنب مع ولائهم للحكم المحلى ، حتى نضمن النضوج السياسي ونصون الوطن من الجهات الإنتهازية التى تريد أن تكون العوبة فى يد الغير وتجعل من الوطن دويلات وأوطان...
نحن فى حاجة ماسة الى تغيير النظام الشيوفينى الذى يمارس كل أنواع الظلم والتهميش ثم بعد ذلك تأتى مرحلة الإستحقاقات وغيرها ونذهب الى تحقيق العدالة والديمقراطية والمساواة على أسس المواطنة والكفاءة ..
 نريد من يحقق لنا العدالة الإجتماعية فى إطار حكم مركزى أو لامركزى . المهم إزالة النظام الدكتاتورى..
 ليس بالضرورة أن نتمسك بنظام حكم معين ونسوقه كعصا موسى السحريه التى تجلب لنا كل الحلول ..
لقد سئل أحد قيادات الحركة الفدرالية : كيف ترون تقسيم ارتريا وعلى أى أسس يتم الحكم الفدرالى؟.
كانت الإجابة كالأتى : التقسيم كان فى البداية على أساس جغرافى : منخفضات ، مرتفعات ، دنكالية ، أى الى ثلاثة أقاليم ، وعندما أعلنوا الكوناما رفضهم لهذا التقسيم وطالبوا بعدم دمجهم لأى مجتمع ، قالوا : تراجعنا بعد ذلك وعملنا على حسب التقسيم القديم الذى كان فى عهد الإستعمار، ماذا كانوا يريدون من تقسيم ارتريا الى ثلاثة أقاليم؟؟، طبعاً لشيء فى نفس يعقوب .. والآن على أي أساس تم تقسيم إرتريا ؟، هل على أساس جغرافى أم على أساس إجتماعى ثقافى كما هو الحال فى سويسرا ؟؟. وهنا يحضرنى إنهيار يوغسلافيا وبينها وبين ارتريا كثير من وجه الشبه فى التركيبة السكانية من حيث ( اللغات والقوميات والثقافات والأديان ) مما جرى لهذه الدولة من حروب وإقتتال وتفكك الى دويلات ولم يشفع لها النظام الفدرالى وغيره... أتمنى مراجعة وقراءة تاريخها حتى نستفيد من الأقطار المتشابه لحالتنا الارترية ونخرج من حالة الإحتقان والتشنج السياسى..
فهناك إستفهامات كثيرة تحتاج الى أجوبة مقنعة ووقفة مع النفس من قيادات الحركات الفدرالية . هل يمكن لنا أن نحول نظام إدارى وآلية حكم الى رؤية ومفهوم سياسي لتنظيم ارتري ؟؟ وإذا تحقق الحكم الذاتى عبر تنظيم أخر  فماهو رأيكم؟؟ هل تفرضونه على الشعب الارتري بقوة السلاح ؟؟. يجب القائمين على هذه الحركات يراجعوا طرحهم ويناقشوا المعطيات والتطورات التى تريد أن تنال من النظام الفدرالى..
يجب العمل من أجل بناء تنظيم وطنى يمارس المفاهيم الفكرية والعملية السياسية بإحتراف وإقتدار ومسؤلية  ويُواجه التحديات ويرسم المخرجات فى هذه المرحلة ، هذا هو المطلوب فى حلحلة القضايا الوطنية.
بعدما تناولنا النظام الفدرالي والحركات التى تمثله ، ننتقل الى الشق الثانى أى الأزمة المستقبليه لارتريا..

التنظيمات القبلية مابين العبث بالنار وأوهام الحقوق :
       هذه التنظيمات ذات صبغة قبلية وقومية ومكوناتها كالاتى : التنظيم الديمقراطي لعفر البحر الأحمر ، والحركة الديمقراطية لتحرير الكوناما ، الجبهة الديمقراطية لتحرير الساهو ، وهودة حركة البلين القومية ، واخيراً حركة أدال الديمقراطية الارترية لقومية النارا.....
الأطر التى تمثل هذه الكيانات معظمها تشكلت بعد إنفتاح أثيوبيا على المعارضة واتاحة لهم الفرصة للانطلاق من أراضيها ودعمت هذه التنظيمات والمكونات بكل ماتملك وجعلت منها قوة ضاربة فى جسم المعارضة ..
فى البدء نحن نقر بحقوق القوميات الارترية ، نعم هناك تهميش وظلم واقع على هذه القوميات من قبل التقرنيجة والنظام الذى يمثلهم ، ولكن يجب البحث عن كيفية إسترداد الحقوق وإعادتها الى أهلها عبر مفاهيم وطنية دون أن نُعرّض وطننا للتفكيك والتقسيم كما يريده الدكتاتور وأعوانه ؟.فنحن أصحاب الوجع والألم فإذا إتحدنا نستطيع إسترداد حقوقنا وتحقيق التوازن السياسي وقلب الموازين ، وهذا يتم بشرط إتحادنا واندماجنا فى جسم واحد.
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( دعوها فإنها نتنة )  سوف تجلب لنا الويلات والإقتتال..
 
هل هذه التنظيمات إنطلقت بإجماع من القبيلة المعنية؟ ولاسيما هناك إدارة أهليه متعارف عليها حتى لوضعفت هى التى تملك شرعية الولاء والصبغة القبلية . لا أدرى بإى حق يتم تحويل النسيج الإجتماعى الى كيانات سياسية؟ من أين إمتلكت هذه التنظيمات الشرعية والحق فى تمثيل القومية ؟؟ هل القومية أجمعت على هؤلاء النفر الذين يتحدثون بإسمها؟؟ ماهذا التلاعب والإستهتار والعبث بالقوميات الإرترية!! كيف يفوضون أنفسهم ويسوقون القوميات فى ثوب سياسي ، أم هذه المكونات أُلعوبة فى يد الغير أم هناك مئارب أخرى لانعلمها؟؟..
إذا كانوا يسعون لإسترداد الحقوق يجب أن ينصهروا فى إطار وطنى كمهمشين ويحولوا كياناتهم الى كيان واحد ، ويعملوا من أجل ذلك الحق ويتحرروا من التجاذبات القبلية .. نتمنى من قيادات هذه التناظيم أن يَجروا حوارات فيما بينهم الى أن يصلوا الى رؤية سياسية وطنية ويتفقوا على كيفية اندماجهم فى كيان واحد ، ثم بعد ذلك يجدوا الدعم والتأيد من كل ارتري ولاسيما مكوناتهم القبلية التى تمثل عمقهم الإستراتيجى . وسوف يكون لهم صدى قوى على مستوى ارتريا ، ويكون أملنا بعد الله سبحانه وتعالى فى التغيير معتمدين عليهم ، ونحن على أمل أن يذهبوا على هذا الإتجاه حتى نجنى ثمار هذه الوحدة ونحقق العدل والمساواة فى ارتريا الوطن ونحقق التعايش السلمى والوحدة الوطنية..

 تنظيم النهضة الارتري مابين الحقيقية المرة وبداية التشظى الإجتماعى :
 تنظيم مبنى على إثنية الجبرتا ويدعوا الى فك الارتباط عن قومية التقرنيجة ، المنطلق دينى وقبلى على أساس فك الارتباط من تلك القومية والمطالبة بحقوق الجبرتا والإعتراف بهم كقومية مثل الأخريين .
 من حيث المبدء لهم الحق فيما يذهبون اليه بمطالبة حقوقهم فى الإنفصال وفك الارتباط .
هناك عقبات ومشاكل سوف يثيرها فى المستقبل هذا التنظيم إذا نجح وحقق مطالبه ونزع الإعتراف من النظام القادم أو الحالى سوف تكون نقطة البداية للتشظي والإنشطار القبلي ، يجب تدارك الأمر قبل فوات الآوان....
هناك قبائل ومجتمعات تشترك على حسب اللغة واللهجة فى تسمية القومية ، فكيف يكون وضعها فى المستقبل مع مطالبة الحقوق وفك الإرتباط على غرار ماسيجرى للجبرتا وهم كالاتى : ( من مجتمع التقرى:ــ الحباب ـ والماريا ـ والبنى عامر وغيرهم ، من مجتمع الساهو :ــ الاساورتا والطروعة وغيرهم ، من مجتمع البلين :ــ الجنقرين ، وبيت ترقى وغيرهم ، من مجتمع البداويت :ـــ الإيليت ، والأفلندا وغيرهم ).
هل نتوقع سلام داخلى فى ارتريا إذا ذهب الجبرتا على تحقيق فك الإرتباط من التقرنيجة؟؟ وكم يكون عدد القوميات الارترية حينها؟؟ هل تتوقف على عشرة قومية أم تزداد ووتتكاثر وتصل الى أرقام خيالية ، ويكون التشظي سمة المجتمع الارتري ، وسوف تتعثر عملية الوحدة الوطنية وتجعل التعايش محفوف بالمخاطر؟؟.
هل حزب النهضة الارتري يملك رؤية سياسية ومفاهيم فكرية أم هو تنظيم مطالبه محدودة يتعلق بالجبرتا فقط ؟؟ وإذا تحقق هذا المطلب وأخذت قومية الجبرتا حقوقها كالقوميات الأخرى فى الإعتراف. فماهو دور الحزب هل يذوب وينتهى أم يتحول الى دائرة إجتماعية خيرية ويُسجل ضمن منظمات المجتمع المدنى؟؟..
ماهى الرؤية السياسية لهذا الحزب ؟؟ نتمنى أن نجد إجابات مقنعة ولكم الحق فيما ترتضونه ولكم الحق فى تنظيم أنفسكم كما ترون.. ولكن هناك سؤال نتمنى الإجابة عليه ماهو الشيء العائق لينفتح التنظيم على الأخريين وينال عضويته كل إرتري راغب ليعمل فى هذا الكيان ضمن رؤيه سياسية ومفاهيم فكرية وطنية ؟؟...
يجب العمل فى إطار المفاهيم الفكرية والسياسية الوطنية بعيداً عن الإنغلاق على الذات حتى لانطمس الهوية الارترية ونعرّض الوطن للتقسيم . الوطن أمانة تركه الشهداء لنا فهل حفظنا الأمانة ووفينا العهود.
ارتريا المظلة التى تجمعنا وتأوينا من عواصف الإذلال والهوان والتشرد وويلات الهجران فلذا علينا أن نحقق فيها العدالة والمساواة ونراعى فيها القيم الانسانية ...
يجب العمل من أجل التقارب الفكرى والسياسى من أجل إنقاذ ارتريا كوطن يعنى لنا الكثير كإرتريين...
ودمتم فى رعاية الله وحفظه أعزائ القراء....
إذا كانت هناك إساءة أو تجريح أو تقليل من شأن أحد فيما خطته يدي إعتذر على ذلك فمنى ومن الشيطان ... فهى محاولات للخروج من الوضع الراهن حتى نحرك المياه الراكدة ، إذا أصبت الثواب من عند الله ..
ولكم العتبى حتى ترضوا والى اللقاء....
    كل عام وانتم بخير ... والعام القادم ان شاء الله فى ارض الوطن ...

ليست هناك تعليقات: