بقلم
/ محمد امان ابراهيم انجابا
بينما تناولت فى المقال السابق بعض الخطوات
الإجرائيه الهامه فى سير أعمال المؤتمر الوطنى للتغيير الديمقراطي والتى كانت تمثل
منعطفات ومحطات كادت ان تؤدى الى فض المؤتمر ، ففى هذا المقال سوف اكمل ما تبقى من
محطات وسأعرج على بعض الملاحظات الهامة التى كانت محل جدل وتساؤل.
المحطة
الخامسه والاخيرة :
لقد
تم توزيع المؤتمرين على سبعة ورش عمل وكل مجموعه من هذه الورش إختارت الإدارة من بين
اعضائها لتسهيل مناقشة الاوراق السياسيه الأربعة المقدمة من قبل المفوضية والتى تمثل
العناصر الرئيسيه لأعمال المؤتمر الوطني وذلك بقصد إنجاز الصياغة النهائيه لكل الأوراق
، وإقتصر دور السكرتاريه بالمرور بين الحين والاخرى للإشراف على سير عمل الورش
السبعه .
فبعد
ان خلصت هذه المجموعات من عملية النقاش والمدولات تم تدوين كل ما دار من حوار ونقاش
باللغتين العربيه والتقرنيجيه ومن ثم تم رفعها للسكرتاريه لكى تقوم بدورها فى حصر النتيجه
النهائيه لكل الاراء ومقارنتها بالورش الاخرى لعرض الصياغة النهائية على المؤتمرين
وحسم الأمر بالديمقراطيه اى بالتصويت والإقتراح المباشر فى القاعه الرئيسيه . وفى اثناء
ذلك قام رئيس السكرتاريه بطرح ما ورد فى هذا الشأن ، فقال ذاكراً ان هناك تباينات وإختلافات
فى بعض النقاط ولذلك سوف نفتح باب النقاش ، وفى اثناء ذلك رفع الدكتور عبدالله جمعه
يده وهو احد اعضاء السكرتاريه والمشرفين على النتائج التى وردت من مختلف ورش العمل
لكى يدلوا بشهادته ويوضح الأمر . وللاسف بسبب الضجيج الشديد وتداخل الاصوات رفض رئيس
السكرتاريه إعطائه الفرصه ومنعه من ذلك ، فخرج غاضبا من القاعه لكى يظهر إحتجاجه كرد
فعل لسلوك الرئيس ، وبعد المهادنة وإعادة الهدوء الى القاعه أُعيد الدكتور عبدالله
من قبل المؤتمرين ليكمل مهمتهُ وبعد جهد ومثابرة من قبل الدكتور تم منحه الفرصه لكى
يدلوا بشهادته وقام بتفنيد ما تم ذكره من نقاط التباين والإختلاف من قبل رئاسة السكرتاريه
، فذكر انه احد الذين اشرفوا على هذه العمليه بينما الرئيس كان مشغول فى بعض المهام
اى كان غائباً في تلك اللحظة ، والتقرير الذى تم تسليمه للرئيس مضلل وكاذب ويخفي الحقيقه
تماماً ، وفي أثناء ذلك إستسمح عذراً رئيس السكرتاريه للمؤتمرين في رفع الجلسة ليمنح
الطرف الاخر الذى رفع التقرير المضلل الفرصه للرد والدفاع إلا أن التلاعب والتزوير
في النتائج كان سيد الموقف وعندها قررت رئاسة السكرتاريه اعادة المراجعة للأوراق المنجزة
فكانت النتيجة الوفاق التام دون التباين لكل الورش وعليه اعتمدت النتيجه النهائيه بانه
ليس هناك أي تباين أو إختلاف بل وفاق تام وهنا وبكل شجاعة وثبات قامت السكرتاريه بالاعتذار
للمؤتمرين لما حدث من تزوير وتلاعب في النتائج .
الجدير
بالذكر أن الفقرات التى كانت محل جدل تتمثل فى الاتى :
1/ قبول مسودة الدستور الانتقالى
وإحالتها إلى المجلس الوطنى للإستفادة منها كوثيقة مرجعية يعتمد عليها عند إعداد الدستور
الإنتقالي أى بعد سقوط النظام وبذلك تضاف الى دستور 1952 ودستور 1997 المجمد. وبذلك
أنقذ الدكتور عبد الله مسودة الدستورمن الموت المحقق .
2/ الاقرار لكل قوميه الحق
فى إتخاذ الاسم الذى تختاره لنفسها ورفض الضم القصرى الذى ينتهجه النظام .
3/ إعتماد نظام الحكم الإدراى
اللامركزى دستورى .
ملاحظات
هامة :
اولاً : كلمة المسؤل الاثيوبي التى حوت ان هناك عدم نضوج
للعمل السياسي الارتري المعارض . نتفق مع هذا او نختلف فكانت هذه الجملة غير مقبوله
وتجاوزت العرف.
ثانيا
: وفى ذات السياق اشار الى ان المعارضة
الارتريه مخترقه من قبل النظام الارتري وهذا الحديث يشير الى خطورة وضع المعارضة الارتريه
ويرجع هذا الى مدى دقة المعلومات التى اوردها المسؤل الاثيوبي.
ثالثاً : فى الجلسة الافتتاحيه هناك ملاحظة تستدعى الوقوف
، الفرقه الفنية التى حضرت أثناء الافتتاح كانت اثيوبيه خالصه وعروض للفلكلور
الاثيوبي . وهنا يأتي السؤال الذى يطرح نفسه لماذا لم يتم استجلاب فرقه فنيه ارتريه
؟؟ لأن الافتتاحيه تعتبر ضمن المحطات الهامة فى المؤتمر ، على الأقل تكون هناك فقرات
متنوعه تعكس التسامح والإخاء بين البلدين .
رابعاً : أكثر من ثلثى الحضور من التنظيمات السياسيه اى
الكيانات السياسيه وشاركت عبر منظمات المجتمع المدنى وممثلة للفئات الجماهير الارتريه
، وهذا يطرح سؤال مهم اين الشراكة التى يدعونها فاذا كان التمثيل عبارة عن قاعدة جماهيريه
للتنظيمات الارتريه فما الفائدة ان نتغنى بان المؤتمر يمثل معظم الفئات ومنظمات المجتمع
المدنى فنجد التنظيمات الارتريه تقاسمت الادوار لتمثل الجماهير عبر كوادرها الحزبيه
، فأقل تنظيم يشارك باكثر من عشرين كادر هل هذا معقول ام هو من باب الإحتراف والكسب
المشروع . الامر يحتاج الى مراجعه ووقفه مع الذات ، التنظيمات السياسيه عبر كوادرها
استحوذت على منظمات المجتمع المدنى والفئات . فكان الامر واضح للعيان فتجد كل القيادات
السياسيه اى قيادات الصف الاول والثانى شكلت حضور فى المؤتمر دون إستثناء .
خامساً: كلمة المسؤل الاثيوبي فى اليوم الختامى كان فيها
شيء من الوصايا والإملاء ، وفى اثناء كلمته تحدث على ان نظام الحكم الفدرالى هو الأنسب
للشعب الارتري ، وهذا يعتبر تدخلا سافر فى الشأن الارتري وخيار نظام الحكم شأن ارترى
داخلي .
فى الختام :هذه الملاحظات والمحطات لا تنتقص من نجاح
المؤتمر والمخرجات التى توصل اليها المؤتمرون ولم تخرج من سياق الحقيقيه ، هى
عبارة عن وقفات على هذه التجربة الحديثه وبالتاكيد هى إضافه للمقاومه والنضال.
نناشد
الارتريين اين ما كانوا ان يلتفوا حول المجلس الوطنى ويدعمونه مادياً ومعنويا ًحتى
يتحقق التغيير المنشود ، ونتمنى هذا الكيان الوليد بعد مخاض عصيب ان يلامس امال
الشعب الارتري واحلامه .
اما
عن المعارضة الارتري نناشدها ان تعالج كل السلبيات التى صاحبتها فى الفترة السابقه
وتعيد النظر فى كل المسائل التى تحتاج الى مراجعه ، وتجرى تقييم حقيقى ومنهجي علمي
دقيق من اجل تطوير آلياتها وبرامجها حتى يتحقق الامل المنشود. فأن عملية البناء ليس
كالهدم . نعم نحتاج لهدم النظام وبالمثل نحتاج لبناء مؤسسات الدولة التى تراعى القيم
الديمقراطيه وتصان فيها حقوق الانسان الارتري التى سلبها النظام .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق