اهداف الدعم الاثيوبي للمعارضة الإرترية(3-1)
العلاقة
بين الدول لا تبنى على العاطفة من حب وكراهية، بل على المصالح المشتركة
والمنافع المتبادلة، لذلك لا يوجد في قاموس العلاقات بين الدول ما يعرف
بالتعاطف او الانحياز لجانب او طرف الا بما تمليه ذلك من مصلحة، لذا نجد ان
العلاقات بين الدول يعتريها الشد والجذب العلو والانخفاض، لتباين وجهات
النظر في امر ما، وفقاً للمصالح المختلفة والمتضاربة للأطراف، اذا كان هذا
هو ما يحكم العلاقة بين الدول وبعضها،
فكيف
يمكن ان نقيس اذاَ تلك العلاقة التي تقوم بين الدول والمنظمات او
التنظيمات، التي تمثل جزاء من دول اخرى، واذا كانت بعض الدول تبني علاقتها
مع الدول الاخرى على طريقة الانبطاح، لتنحدر من الحالة الطبيعية وهي الندية
الى مستوى ادنى وهي التبعية والارتهان، فكيف سيكون الحال مع ما يمثل جزاءً
من بلد اخر .
وقياساً
عليه كيف يمكن لنا ان نحدد علاقة المعارضة الإرترية بدول الجوار وفي أي
مستوى تقع؟ وماهي المصالح المشتركة؟ ما هي العقبات التي تمنع تلك الدول من
تبنيها ودعمها للمعارضة بطريقة فاعلة؟ وباعتبار اثيوبيا والسودان دولتان
لهما مصالح مشتركة مع ارتريا وهذا يعرفه الجميع، لكن ما لا نعرفه ايضا هو
ماهية هذه المصالح وماهو شكلها لكل دولة على حدى، وقد ظلت هذه العلاقات
تتأثر ايجاباً أوسلباً بتطور أو تدهور تلك العلاقة مع النظام الحاكم في
اسمرا خاصة السودان، حيث كان يتعامل مع المطالب المحقة للمعارضة كملف امني،
لذلك كانت تتأثر مع اقل انفراجه تحدث في العلاقة مع النظام، وبسبب هذا
الوضع لم تتجاوز تلك العلاقة مرحلة رد الفعل من جانب السودان، رداً على
تصرفات الحكومة الإرترية تجاهها، في حالتي التوتر والتطور، ولم يحدث ان
استقبل الرئيس السوداني او مسؤول كبير في الحكومة وفدا او قيادات من
المعارضة الإرترية، على الرغم من ان كثيراً من المؤتمرات عقدت بالخرطوم
وبرعاية سودانية، ونسبة لهذه السياسة يعتبر امر احتضان او دعم المعارضة في
الظروف الطبيعية مستحيلاً، على الرغم من ايواء النظام الإرتري لمعسكرات
المعارضة السودانية في إريتريا، لكن بما ان السودان في غنى عن نوبات جنون
إسياس -الفيهو مكفيهو- لذلك يعمل السودان على تجنب التوتر مع حكومة
الاستبداد في اسمرا .
اما
موفق اثيوبيا فهو مختلف عن الموقف السوداني، حتى عند ما كان النظامين
حليفين، فقد كانت تحتضن اثيوبيا تنظيمات إرترية، خاصة التي كانت تتبنى
الرؤية الاثيوبية في طريقة الحكم وكانت توفر لها الدعم والايواء، ولكن بعد
الحرب ومع ارتفاع منسوب العداء لمرحلة العداء المستحكم، وجدت من خلاله كل
الاطياف حظها من الرعاية والدعم، العداء الذي اخفقت معه كل الوساطات
الدولية والكنسية. وهنا لابد من الإشارة الى ان الموقف الاثيوبي يتميز عن
السوداني في المتابعة من الدوائر العليا في السلطة، اذا لا يترك امر ملف
المعارضة في يد المخابرات لوحدها، بل كانت تتم متابعة الامر على اعلى
مستوى، وقد التقى رئيس الوزراء السابق ملس زيناوي ووزير خارجيته مرات عديدة
بأقطاب من المعارضة، مما اتاح للبعض معرفة طريقة تفكير دوائر اتخاذ القرار
في اثيوبيا فيما يخص العلاقة مع إريتريا مستقبلاً، كما انها من طرف اخر
تتوجس من أي تحرك تقوم بها اطراف إرترية معارضة خارج مظلتها، لذلك تحرص على
المتابعة بنفسها على أعلى مستوى، ورغما عن هذا الاهتمام الا ان الدعم
الاثيوبي لم يرتقي الى مستوى الطموح الذي تستطيع من خلاله المعارضة
الارترية إسقاط النظام او جعله اضعف مما هو عليه الاَن .
السبب
في ذلك يعود للضبابية التي تكتنف العلاقة بين الطرفين، حيث لم تتم
المكاشفة بين الجانبين، حول شكل هذه العلاقة ومناقشتها، ومن ثم بناء ارضية
مشتركة يتم التحرك على ضوئها، لتكون نتائج ذلك بما يناسب اهداف الطرفين،
فمن الجانب الاثيوبي الاهداف عنده واضحة لكنها في انتظار الوقت المناسب،
اقول ذلك حسب حديث لقيادي معارض، ذكر لي عن بعض ما دار في لقاء جمعه برئيس
الوزراء الاثيوبي السابق زيناوي في العام 2007م، عندما بادر بطرح سؤاله
بصورة مباشرة لزيناوي قائلاً: ــــــ اريد ان اعرف ماذا تريد اثيوبيا من
دعمها للمعارضة الارترية، ليتم التعامل بيننا على ضوئه؟
فكان رد رئيس الوزراء الاثيوبي ان حدد ثلاثة امور يتطلب من طرف المعارضة تحقيقها وهي على النحو الاتي :ـــــــــ
1/
ان يتم النظر في المشكلة الحدودية العالقة واخذ وجهة النظر الاثيوبية بعين
الاعتبار في تجاوز الازمة ــ وهو ما يخالف قرار التحكيم الدولي ـــ .
2/ الوصول لا تفاق حول الموانئ البحرية وان لا تتحكم فيها الاهواء الشخصية كما كانت من قبل.
3/النظام السياسي المتوقع في ارتريا .
ولم
يعقب القيادي بالرد على المطالب بل ذكر له بانه سيطرح مناقشة الامر مع
الاطراف الاخرى من المعارضة الارترية، ولكن لم يتم طرح الموضوع على الاطراف
نسبة لحساسية المطالب التي تم عرضها.
وهذه
المطالب او بالأحرى الشروط الاثيوبية، لا يمكن التفاوض حولها ومن ثم
تحقيقها في ظل عدم التكافؤ، نتيجة للضعف والتشتت الذي تعانيه المعارضة
الإرترية، اضافة لاختلاف أيدولوجياتها وتوجهاتها، كما لا يمكن لمثل هذه
القضايا الحساسة ان يتم البت فيها بسهولة ، ولأنها قضايا مرتبطة بالحقوق
والسيادة، وهذه من الصعب التوافق حولها، و الوضع القائم لا يسمح لها
بمناقشة الامر بما يحفظ الحقوق والسيادة بل سيجعلها في موقف المذعن للشروط .
استودعكم الله حتى الجزاء التاني من المقال .
محمود طاهر / زيوريخ15
/08 /2015م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق