«داعش» الإسرائيلية… ظاهرة تتسع وتغذيها أوساط دينية وسياسية
وديع عواودة
يوليو 31, 2015
الناصرة ـ «القدس العربي»: مساء أول من أمس هاجم يهودي متطرف مسيرة
للمثليين في القدس وطعن ستة من المشاركين بسكين، وعند فجر أمس أقدم يهود
متطرفون آخرون على إحراق أسرة فلسطينية.
تختلف هوية الضحايا لكن المجرمين بالحالتين متشابهون فهم يترعرعون في مستنقع الكراهية، مستفيدين من ذات التحريض الرسمي والصمت على تفشي التوجهات العنصرية والعدوانية.
وتندرج جريمة المستوطنين في دوما في منطقة نابلس، ضمن مسلسل جرائم ما يعرف بـ « تدفيع الثمن « التي يقترفها غلاة اليهود بحق الفلسطينيين ومقدساتهم الإسلامية والمسيحية على طرفي الخط الأخضر، كما شهدت كنيسة «الخبز والسمك في طبريا» قبل شهر ونيف.
منذ ظهورها عام 2009 احتجاجا على إخلاء البؤر الاستيطانية نفذت عصابات «تدفيع الثمن» بحسب معطيات شرطة الاحتلال أكثر من 650 جريمة كراهية لا تقتصر أضرارها على الأملاك فحسب، بل تسببت بمقتل مدنيين فلسطينيين كما في حالة الطفل الرضيع علي دوابشة الضحية المناوبة للعدوانية الصهيونية في فلسطين النازفة منذ قرن.
بعد مرور نحو عام على إحراق الطفل المقدسي محمد أبو خضير حيّا ضرب المستوطنون مجددا في دوما. لم يبق من البيت المتواضع كثير، فقد التهمت النيران محتوياته وأتت على سكانه وهم نيام وعلى أرضيته تناثرت بقايا موجوداته المحروقة من كتب ودفاتر لم تتستخدم بعد وعربة أطفال متفحمة بجانبها قنينة حليب نجت من نار الحقد الليلي. وعلى الجدران ترك القتلة ما يقطع الشك بهويتهم شعارات بالعبرية: «الموت للعرب» و»يعيش الملك النبي» و»الانتقام».
هذه الجريمة تعني أن هناك «داعش» إسرائيلية تتغذى من مصادر عدة بينها الدولة ذاتها التي انتشرت فيها مستنقعات التحريض والاعتداءات على الفلسطينيين في وضح النهار يوميا.
كما في السابق أدانت إسرائيل الجريمة الأخيرة. وقال رئيس حكومتها بنيامين نتنياهو إنه قد اهتز جراء «العمل الإجرامي المرعب والإرهابي». وأوضح أن سلطات القانون تعمل بقوة لاعتقال القتلة ومقاضاتهم عاجلا.
وتلاه وزير الأمن موشيه يعلون الذي اعتبر هو الآخر الجريمة عملا إرهابيا قاسيا جدا لا يمكن احتماله. وزعم أن قوات الأمن لن تسمح لمخربين يهود بالاعتداء على فلسطينيين في الضفة الغربية وستتعامل معهم بقبضة حديدية وبلا هوادة.
لن توقف مثل هذه الإدانات والتصريحات على لسان نتنياهو ويعلون وبقية المسؤولين جرائم المستوطنين والمتطرفين، وهي ليست أكثر من محاولة امتصاص غضب فلسطيني وعالمي متوقع طالما أن الجناة بقوا طلقاء بعد تنفيذهم مئات من جرائم «تدفيع الثمن». لن تتوقف مثل هذه الجرائم طالما بقي الاحتلال وتواصلت عمليات تحريض السياسيين والحاخامات على الفلسطينيين ليل نهار.
لا يلوح بالأفق ما يشي بأن جريمتي قتل أبو خضير وعلي حرقا هما الأخيرتان، فالقتلة هم مجرد المسدس أو السكين أو قنينة البنزين، إما المسؤول الأول عنها فهم قادة السياسة ورجال الدين الإسرائيليون ممن يتسابقون في التحريض على العرب وشيطنتهم.
في السابق نعتت مجموعة حاخامات الفلسطينيين بالأفاعي والصراصير والماعز، ووصفت وزيرة القضاء أيليت شاكيد الأطفال الفلسطينيين بالثعابين فكيف لا تكون هذه دعوة للقتل بالنسبة للمهووسين والمتطرفين في الشارع؟.
أما وزيرة الثقافة ميري ريغف فسبق واعتبرت المتسللين السودانيين عبر سيناء سرطانا في جسد الدولة.
وصدرت عن بعض الحاخامات فتاوى بقتل المدنيين الفلسطينيين حتى الأطفال منهم دون أن يقدموا لمحاكمة أبرزها في كتاب «عقيدة الملك» عام 2009 من تأليف الحاخامين يتسحاق شابيرا ويوسيف اليتسور من مستوطنة «يتسهار» المجاورة لمدينة نابلس.
وتدلل دراسات إسرائيلية على أن شيطنة الفلسطيني لا تلازم فقط مضامين التعليم بالمدارس الدينية فقط بل هي واردة بكثافة في مناهج المدارس الرسمية، وفي المنتديات الاجتماعية فحدث ولا حرج.
وفي شهادة على الدور السلبي الكبير لمناهج ومضامين التعليم العبرية في إذكاء وتكريس حالة العداء والصراع مع العرب منذ بدايته، أكد بحث يهودي أن تلك الرؤية «المنحرفة» ساهمت في منع السلام مع العرب. جاء ذلك في كتاب الباحث اليهودي إيلي بوديه «الصراع الإسرائيلي في كتب التاريخ المدرسية الإسرائيلية». واتفقت معه باحثة إسرائيلية أخرى البروفسور نوريت بيلد في كتابها حول كتب التاريخ التعليمية العبرية، ويؤكدان أن كتب التعليم تنشغل بتعميق القيم الصهيونية ورعاية الأساطير والتمجيد لأبطالها ضمن صهر المهاجرين وشيطنة العرب وتجريدهم من إنسانيتهم.
أما الكنيست فبات مطحنة لتشريع القوانين العنصرية والفاشية المتناغمة مع الشارع المنفلت فتغذيه ويغذيها وسبق أن أكدت جمعية حقوق المواطن الإسرائيلية أن البرلمان الإسرائيلي في دوراته الثلاث الأخيرة هو الأكثر عنصرية بتشريعاته منذ 1949. وفي عام الماضي كشفت جمعية «عير عميم» الإسرائيلية أن هناك ست وزارات في إسرائيل تشارك في دعم منظمات يهودية غيبية متطرفة تعمل لإعادة بناء الهيكل المزعوم على أنقاض الأقصى وقبة الصخرة، بل أن وزير الزراعة المستوطن أوري أرئيل يظهر في موقع « بيت الهيكل» على الشبكة كمرشد للهيكل الثالث داخل الحرم القدسي الشريف.
وعلى الأرض تمارس حكومة إسرائيل مختلف صنوف الانتهاكات بحق الفلسطينيين، وقد شنت ثلاث حروب بشعة على غزة قتلت وأصابت فيها آلاف المدنيين العزل.
ودون وقف هذه الجرائم الرسمية تصبح عملية ملاحقة المجرمين بحسن حال كمطاردة البعوض، بدلا من تجفيف مستنقعات الاحتلال والكراهية. إن بقاء مئات جرائم «تدفيع الثمن» لغزا يدلل على مدى عدم جدية المؤسسة الحاكمة وصدقية تصريحاتها وإداناتها. لو كرست إسرائيل ربع مجهودها في ملاحقة الناشطين الفلسطينيين لكانت قد منعت الكثير من جرائم القتل وتدنيس المقدسات وإحراق المساجد والكنائس.
في الأسبوع الماضي اكتفت محكمة إسرائيلية بالحكم بالسجن عامين فقط على مستوطنين إثنين أحرقا مدرسة ثنائية اللغة في القدس المحتلة رغم أنهما قالا على مسامع القضاة إنهما غير نادمين على فعلتهما. من يحرق المسجد والكنيسة والمدرسة اليوم سيحرق غدا الأطفال أحياء.
تختلف هوية الضحايا لكن المجرمين بالحالتين متشابهون فهم يترعرعون في مستنقع الكراهية، مستفيدين من ذات التحريض الرسمي والصمت على تفشي التوجهات العنصرية والعدوانية.
وتندرج جريمة المستوطنين في دوما في منطقة نابلس، ضمن مسلسل جرائم ما يعرف بـ « تدفيع الثمن « التي يقترفها غلاة اليهود بحق الفلسطينيين ومقدساتهم الإسلامية والمسيحية على طرفي الخط الأخضر، كما شهدت كنيسة «الخبز والسمك في طبريا» قبل شهر ونيف.
منذ ظهورها عام 2009 احتجاجا على إخلاء البؤر الاستيطانية نفذت عصابات «تدفيع الثمن» بحسب معطيات شرطة الاحتلال أكثر من 650 جريمة كراهية لا تقتصر أضرارها على الأملاك فحسب، بل تسببت بمقتل مدنيين فلسطينيين كما في حالة الطفل الرضيع علي دوابشة الضحية المناوبة للعدوانية الصهيونية في فلسطين النازفة منذ قرن.
بعد مرور نحو عام على إحراق الطفل المقدسي محمد أبو خضير حيّا ضرب المستوطنون مجددا في دوما. لم يبق من البيت المتواضع كثير، فقد التهمت النيران محتوياته وأتت على سكانه وهم نيام وعلى أرضيته تناثرت بقايا موجوداته المحروقة من كتب ودفاتر لم تتستخدم بعد وعربة أطفال متفحمة بجانبها قنينة حليب نجت من نار الحقد الليلي. وعلى الجدران ترك القتلة ما يقطع الشك بهويتهم شعارات بالعبرية: «الموت للعرب» و»يعيش الملك النبي» و»الانتقام».
هذه الجريمة تعني أن هناك «داعش» إسرائيلية تتغذى من مصادر عدة بينها الدولة ذاتها التي انتشرت فيها مستنقعات التحريض والاعتداءات على الفلسطينيين في وضح النهار يوميا.
كما في السابق أدانت إسرائيل الجريمة الأخيرة. وقال رئيس حكومتها بنيامين نتنياهو إنه قد اهتز جراء «العمل الإجرامي المرعب والإرهابي». وأوضح أن سلطات القانون تعمل بقوة لاعتقال القتلة ومقاضاتهم عاجلا.
وتلاه وزير الأمن موشيه يعلون الذي اعتبر هو الآخر الجريمة عملا إرهابيا قاسيا جدا لا يمكن احتماله. وزعم أن قوات الأمن لن تسمح لمخربين يهود بالاعتداء على فلسطينيين في الضفة الغربية وستتعامل معهم بقبضة حديدية وبلا هوادة.
لن توقف مثل هذه الإدانات والتصريحات على لسان نتنياهو ويعلون وبقية المسؤولين جرائم المستوطنين والمتطرفين، وهي ليست أكثر من محاولة امتصاص غضب فلسطيني وعالمي متوقع طالما أن الجناة بقوا طلقاء بعد تنفيذهم مئات من جرائم «تدفيع الثمن». لن تتوقف مثل هذه الجرائم طالما بقي الاحتلال وتواصلت عمليات تحريض السياسيين والحاخامات على الفلسطينيين ليل نهار.
لا يلوح بالأفق ما يشي بأن جريمتي قتل أبو خضير وعلي حرقا هما الأخيرتان، فالقتلة هم مجرد المسدس أو السكين أو قنينة البنزين، إما المسؤول الأول عنها فهم قادة السياسة ورجال الدين الإسرائيليون ممن يتسابقون في التحريض على العرب وشيطنتهم.
في السابق نعتت مجموعة حاخامات الفلسطينيين بالأفاعي والصراصير والماعز، ووصفت وزيرة القضاء أيليت شاكيد الأطفال الفلسطينيين بالثعابين فكيف لا تكون هذه دعوة للقتل بالنسبة للمهووسين والمتطرفين في الشارع؟.
أما وزيرة الثقافة ميري ريغف فسبق واعتبرت المتسللين السودانيين عبر سيناء سرطانا في جسد الدولة.
وصدرت عن بعض الحاخامات فتاوى بقتل المدنيين الفلسطينيين حتى الأطفال منهم دون أن يقدموا لمحاكمة أبرزها في كتاب «عقيدة الملك» عام 2009 من تأليف الحاخامين يتسحاق شابيرا ويوسيف اليتسور من مستوطنة «يتسهار» المجاورة لمدينة نابلس.
وتدلل دراسات إسرائيلية على أن شيطنة الفلسطيني لا تلازم فقط مضامين التعليم بالمدارس الدينية فقط بل هي واردة بكثافة في مناهج المدارس الرسمية، وفي المنتديات الاجتماعية فحدث ولا حرج.
وفي شهادة على الدور السلبي الكبير لمناهج ومضامين التعليم العبرية في إذكاء وتكريس حالة العداء والصراع مع العرب منذ بدايته، أكد بحث يهودي أن تلك الرؤية «المنحرفة» ساهمت في منع السلام مع العرب. جاء ذلك في كتاب الباحث اليهودي إيلي بوديه «الصراع الإسرائيلي في كتب التاريخ المدرسية الإسرائيلية». واتفقت معه باحثة إسرائيلية أخرى البروفسور نوريت بيلد في كتابها حول كتب التاريخ التعليمية العبرية، ويؤكدان أن كتب التعليم تنشغل بتعميق القيم الصهيونية ورعاية الأساطير والتمجيد لأبطالها ضمن صهر المهاجرين وشيطنة العرب وتجريدهم من إنسانيتهم.
أما الكنيست فبات مطحنة لتشريع القوانين العنصرية والفاشية المتناغمة مع الشارع المنفلت فتغذيه ويغذيها وسبق أن أكدت جمعية حقوق المواطن الإسرائيلية أن البرلمان الإسرائيلي في دوراته الثلاث الأخيرة هو الأكثر عنصرية بتشريعاته منذ 1949. وفي عام الماضي كشفت جمعية «عير عميم» الإسرائيلية أن هناك ست وزارات في إسرائيل تشارك في دعم منظمات يهودية غيبية متطرفة تعمل لإعادة بناء الهيكل المزعوم على أنقاض الأقصى وقبة الصخرة، بل أن وزير الزراعة المستوطن أوري أرئيل يظهر في موقع « بيت الهيكل» على الشبكة كمرشد للهيكل الثالث داخل الحرم القدسي الشريف.
وعلى الأرض تمارس حكومة إسرائيل مختلف صنوف الانتهاكات بحق الفلسطينيين، وقد شنت ثلاث حروب بشعة على غزة قتلت وأصابت فيها آلاف المدنيين العزل.
ودون وقف هذه الجرائم الرسمية تصبح عملية ملاحقة المجرمين بحسن حال كمطاردة البعوض، بدلا من تجفيف مستنقعات الاحتلال والكراهية. إن بقاء مئات جرائم «تدفيع الثمن» لغزا يدلل على مدى عدم جدية المؤسسة الحاكمة وصدقية تصريحاتها وإداناتها. لو كرست إسرائيل ربع مجهودها في ملاحقة الناشطين الفلسطينيين لكانت قد منعت الكثير من جرائم القتل وتدنيس المقدسات وإحراق المساجد والكنائس.
في الأسبوع الماضي اكتفت محكمة إسرائيلية بالحكم بالسجن عامين فقط على مستوطنين إثنين أحرقا مدرسة ثنائية اللغة في القدس المحتلة رغم أنهما قالا على مسامع القضاة إنهما غير نادمين على فعلتهما. من يحرق المسجد والكنيسة والمدرسة اليوم سيحرق غدا الأطفال أحياء.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق