الثلاثاء، 23 نوفمبر 2010

مسلمى المرتفعات وأبعاد التوازن السياسى المفقود


بقلم / رمضان محمد
تشكل التوزانات  فى العرف السياسى محور تركيز الباحثين والدراسين والساسة  وواضعى الخطط الإستراتيجية!!!!.
وإرتريا ليست بدعاً فى عالم السياسة والإستراتيجيات ولكنها بدعة حيث أن معظم ساستها يهرطقون السياسة ولايعرفون منها إلا تكوين التنظيمات، وطلب الإشتراكات  و الدعم من مناصريها ،
فالتخطيط الإستراتيجى كان مفقوداًا فى جبهة التحرير الإرترية ليست منذ بدايتها فحسب بل حينما بلغت أوج عظمتها وقوتها وعنفوانها فحين تحررت70% من أراضى الوطن لم يكن للجبهة أى رؤية لقيادة الدولة بعد تحريرها  .............
وفى الجانب الأخر كان تنظيم الجبهة الشعبية الحزب الحاكم اليوم قد وضع وثيقة نحن وأهدافنا وحدد فيها معالم الدولة ونظام الحكم ،ورغم إختلافنا القطعى مع الوثيقة وحزب الجبهة الشعبية إلانه هو الحزب الوحيد فى إرتريا الذى كانت له برامج ورؤى واضحة !!!!!
وحركة تحرير إرتريا  كذلك وعلى الرغم من وضوح فكرتها النضالية إلا أنها كانت تتسم ببعض التخبط بين إستخدام السلاح ضد المستعمر و العمل السلمى فى إزالة المستعمر نعم حتى هذه النقطة الجوهرية فى الصراع كانت فيها ضبابية وإختلاف وهذا دليل ساطع على ماذهبت إليه من غياب الرؤية الإستراتيجية فيها ....................
 وعن تجربة جبهة التحرير الإرترية  فإن فقدانها لهذا المقوم كان أكثر تأثيراً من حيث التبعات ولعل إنقسام الجبهة الى تنظيمات ذات توجهات مختلفة لدليل ساطع على عدم وجود منهجية وتخطيط ودراسة ،
 وما تطبيق تجربة المناطق ألتى كرست  الدعامة المناطقية التى نعانى مراراتها اليوم  دليل على أن الساحة كانت حقل تجارب لكل النظريات والأفكار فهذا العبث هو الذى قاد أكثر من وأحد وأربعون ألف من الجنود يدخلون السودان تاركين وراءهم  العدو والنضال والتاريخ!!!!
وها نحن اليوم نعانى مخلفات تلك الفترة شقاً لوحدة الصف الوطنى وشرخاً فى مقومات التوازن الذى به يستمر الإحترام وعبره يتم التعايش وبه تصان حقوق الجميع؟؟؟؟ 
خاصة وأن المعارضة اليوم تعمل دون تخطيط إستراتيجى وليست لها مواقف واضحة من القضايا الوطنية  - كالوحدة  - وتفتقد الى رؤية موحدة فى علاقاتها مع الوضع الإثنى المكون للشعب
فقضية الوحدة والتعايش بينها هو مجرد شعار ليس له ضابط أو خطوط وتفـــتقد الى مرجعية للحل لكل ما يمكن أن يتوقع من مشاكل وقضايا !!!
وتريد  التنظيمات التضامن جعل مناطق من أرتريا
وتريد بعض التنظيمات بخلق مناطق مقفولة ممنوعة على البعض ومسرحة للبعض فى
 تراجيديا غريبة لايمكن تطبيقها البتة   وهى بذلك المسلك  تصنف بأن النظام الحاكم وهى أى تلك الكيانات  وجهان لعملة واحدة .....
وتمشياً مع فهم التوزان فى الصراع فهنالك عدم إعتبار لفهم التوازن وأخص هنا المعارضة بتحييدهم لمسلمى المرتفعات عن الصراع الدائر خاصة وأنهم يمثلون العمق للثقافة الإسلامية وسند لوجستى وجغرافى حيث أن  الصراع يحتاج الى وضعية ساندة وداعمة له ويكون له أفق تغطية  مقدر وبالتالى فإن مسلمى المرتفعات بما يمثلونه من ثقل تاريخى ووجودى فى المنطقة هم ركيزة بهم يستطيع مسلمى إرتريا من ترجيح الكفة لصالحهم أو على الأقل حماية حقوقهم ومكتسباتهم الثقافية والتاريخية وفى حالة فقدان التواصل بين المسملين فى الإمتدادت الجغرافية المختلفة التى يقطنها المسلمين فإن الفشل فى الصراع هو النتيجة الحتمية بلاشك وإن فك هذا الإرتباط الإستراتيجى  ضياع للحقوق برمتها وضياعُ للتوزان الذى هو أس السلام والإستقرار والتنمية !!!
وفى مقدمة المناطق ذات العمق الثقافى الأكبر هى المنخفضات الإرترية والمؤسف أن القادة الذين يمثلون تلك المناطق حملوا شعارات مناطقية كشعار
المنخفضات أولاً.!! وحشروا القضايا الوطنية والمظالم  فى تلك المنطقة وأضفوا هالة النضال وشرفه عليهم فى خطوة تقزم كل مكونات شعبنا المناضل بل وتقلل من دوره النضالى فى كل مراحله
فتخلت كيانات جبهة التضامن عن الهم الوطنى الجامع وحصرته فى نقطة ضيقة الأفق صغيرة الزوايا !!!!!!!!!!!!

مع أن العوامل المشتركة بين مسلمى المرتفعات والمنخفضات التى تمثلها كيانات جبهة التضامن  فتجد أكثرمن عامل وعلى رأسها ، الدين والقيم، و الثقافة العربية، التى تمثل  كلها عماد قوام الدين الإسلامى الحنيف  بالإضافة للتلاحم الوثيق بينهما فى فترة النضال التحررى وما بعد التحرير فى مواجهة النظام المستبد .......
فمسلمى المرتفعات خاضوا حروبا عدة مع المسيحيين فى كل جوانب الحياة على رأسها الأرض وماظال بعضها لم يحل لكن تلك الصراعات حققت نوعاً من التوازن وكلها كانت تعنى نوعاً من الطموح القومى لتحقيق الأشواق والطموحات وحب الإمتلاك وهذه طبعة بشرية متأصلة فى جميع الأعراق والقوميات
لكن فى الأونة الأخيرة بدأ خط تحييد مسلمى المرتفعات من الصراع الذى يجرى فى إرتريا وبدأت تنظيمات ما يعرف بجبهة التضامن تقلل من  نضالات أبناء مسلمى  المرتفعات الإرترية ومحاولة تحجيم الدور الوطنى لهم  وذلك بإدعاءات أنهم حلفاء للمسيحيين وذكرت بعض الأقلام المحسوبة على التضامن أنهم أى مسلمى المرتفعات  سوف لن يجدوا بلحاً من أرض المنخفضات مع أن أبناء
( المنخفضات)  ليس لهم وجود على الأرض!
 ولن يجدوا كذلك عنباً من مسيحيى المرتفعات التى لم يفقدوا فيها شبراً من الأرض !!
وبالتالى يصورون فى كتاباتهم وتصريحاتهم  أن مسلمى المرتفعات بلا وجيع!!!!!
مع أن الأمر مختلف  والواقع ينفى ذلك وأن التوازن الإستراتيجى يفرض على أهل المنخفضات أن تكون لهم علائق أمتن مع أبناء المرتفعات (المسلمين) فبهم يستطيعون أن يشكلوا قوة ضاربة وبهم يستطيعون تحقيق التوازن وبدونهم لا يستطيعون إنجاز نجاح يذكر!!
ثم أن علاقة مسلمى المرتفعات مع المسيحيين تكاد تكون الأقوى والأمتن والأكثر تجذرا ووقفتهم بجانب القيم والدين تكاد تكون مصدر ثقة كل القوميات وتاريخهم فى  مجابهة الإستعمار لاغبار عليه
ووجودهم فى عمق المرتفعات الإرترية وتمسكهم بالأرض لدليل واضح  للفهم الذي به يديرون الصراع وهذا الفهم مفقود عند قوميات عدة كانت لها وزنها فى الخارطة السياسية وألان تتحسس الخطى على فقدها اقل مقوم البقاء وهو التواجد الميدانى على الأرض!!!
فهل تحييد مسلمى المرتفعات  يخدم المصالح الوطنية لأهل المنخفضات فى ظل عمليات تضعيف أبناء المنخفضات( والإقصاء القسرى) الذى يمارس ضدهم من قبل النظام ؟
وهل الأفضل لأبناء المنخفضات فتح الجبهات أم تضييقها بردم هوة الخلافات بين جميع المكونات وعلى رأسهم طبعاً مسلمى المرتفعات  !
أما كان الأقوم أن تتم عمليات إستراداد الحقوق بمعايير وطنية ووضع رؤى لقوانين تتم صياغتها بالإجماع ووفقها يتم إسترداد الحقوق  بدلاً من  تكوين كيانات تحمل هماً مناطقياً وبالتالى تؤلب عليها الأخرين و تخسر حقوقها وتخسر التعايش مع كل المكونات وهذا ما يحدث الأن من موقف جبهة التضامن بالتحديد !!!

فجبهة التضامن لا تستيطع المضى قدماً والثبات أمام الرياح والعواصف ولكن المشكلة الأكبر أنها ستخلف إرثاً  من السلبيات والإخفاقات أقلها تقسيم المجمتع إلى مناطق !!!!
 وليس ذلك فقط ولكنه حتماً سيكون ذلك  خصماً وتضعيفاً  لأصحاب  الثقافة العربية من مسلمى إرتريا؟؟؟؟   
وبناءاً على ماسبق فماظالت الكيانات تترنح فى ثوب العشوائية  وغياب التخطيط والإسترتيجيات غير مدركة لأبعاد الصراع ولا فقه التوزان والواقعية 
وبما أن صياغة إرتريا  المستقبل يتشكل فى هذه المرحلة الحساسة من تاريخنا  فالمسؤولية التاريخية تقتضى قول الحق فإن قيادة الصراع بالمناطقية والقومية بين مكونات تشكل صمام الأمان لضبط التوازن هو تخسير لمكتسبات أمة وخطوة تصب فى خدمة الأعداء خاصة وأن أرتريا بفقدانها التوازن ستخسر السلام والوطن وتكون إرتريا صومالاً  جديداً يكون مطية للدول المجاورة وتكون دولتنا الأضعف فى المحيط الذى فيه نعيش  هذا إن أستطاعت أن تظل دولة ذات سيادة.........
هذا ما نخشاه ونحذر منه لأننا لانملك وطناً أخر نعود إليه فهو مهد أجدادنا وإرثنا الذى تبقى لنا ولا وطن لنا سواه!!!!!!!

ليست هناك تعليقات: