ماذا بعد تظاهرة جنيف ...؟
(1) إتسمت
التظاهرة التى تمت فى جنيف بتاريخ 26 يونيو بدعم قوى الحراك الشبابى
ومنظمات المجتمع المدنى والقوى الوطنية بالنجاح الباهر لتحريكها قوى
الجماهير! نعم فالقدرة على تنظيم تظاهرة بهذا الحجم الكبير من مختلف
القطاعات الإجتماعية المُقيمة بدول الإتحاد الأوروبى يُعتبر إنجازاً
ونجاحاً لا يوازيه نجاح ويجب أن يتم إحترامه ووضعه فى أولوية الإستفادة
القصوى منه كعملٍ مُخطط ومُنظم ومُرتب ..!
(2) الحراك
الشبابى كان فى طليعة المنظمين لهذه التظاهرة الضخمة على رأسها حركة شباب
سويسرا وغرفة البالتوك سمر وشباب من الدول الأوروبية ، وإن تحمل هذه
الطليعة مسؤولية التغيير وتصدرهم للمشهد، يُبشر بخير لما تتميز به من حماس
وقدرة على العطاء مع الإصرار وقوة الإرادة ، فهل تنبهت القوى الوطنية لهذه
الشريحة وأولتها الإهتمام لتلعب دورها المنشود وتترك لها مساحة أن تقود،
والعمل على تشجيعها من الخلف وعدم زج الصراعات الحزبية فى عملها وتكويناتها
.
(3) بالطبع
كانت هنالك مُعيقات مالية كشأن أى عمل تعبوى جماهيرى يحتاج إلى تمويل ،
وقد تقلب منظموا التظاهرة عليها حيث أن القيام بتظاهرة كبرى بهذه الكيفية
والتنظيم يحتاج إلى تمويل والتقلب عليها يُحسب فى خانة الإنجاز الكبير ومن
الطبيعى أن نقول بأن مشكلة معظم مشاريع العمل المعارض يقف التمويل عقبة
أمام إنجازاتها، فالذى حدث أن هنالك مساهمات وتبرعات من الجمهور ومنظمات
المجتمع المدنى!عليه فإنه يجب أن ترتكز نشاطاتنا على الذات لتتحقق
مشروعاتنا الوطنية فالإعتماد على الذات هو مصدر النجاح ورُوحه وهذا ما
أنتهجه منظمو تظاهرة جنيف 26.
(4) الدرس
المُهم المستفاد منه فى تظاهرة جنيف هو عدم إرتهان الحراك لأى جهة تمويل
غير وطنية بل كان جُهداً وطنياً خالصاً هذا المسلك وهذه الطريقة هى الضمانة
الوحيد لمسيرة التغيير، وأن التعويل على الأخر غالباً ما يكون خصماً على
جوانب عدة والشاهد الأنشطة التى تقام بأديس أبابا والتى تفتقد لأبسط مقومات
الإستمرار ناهيك عن النجاح فالحراك المستقل ليس هو العاصم فحسب بل هو
الإنجاز بعينه وهذا لايعنى عدم رغبتنا فى تلقى الدعم والمناصرة من الأخرين
ولكن النظر بعين فاحصة للداعمين مُهم حفاظاً على سلامة المسيرة الوطنية
وقبل كل ذلك عدم قبول التمويل المشروط..
(5) ماهو
مُهم ليس إجترار نجاح تظاهرة جنيف 26 التى مثلت ضربة قوية للنظام وفضحته
وكانت رسالة قوية للنظام القمعى فى أرتريا..! فالمُهم هو ماذا علينا أن
نفعل لنحتفظ بهذا المستوى من التنظيم وتحريك القواعد ونبنى على هذا الحراك
رؤية التغيير فنتجاوز به حالة الجمود والتشظى والضعف الذى تعيشه جبهة
المعارضة .
(أ) هنالك
صراع قائم بين بعض قيادة القوى الوطنية على حساب قضايا شعبنا الوطنية وهى
ليست خلافات جوهرية على قضايا مفصلية إنها تدور فقط فى محور الأنا وحب
الذات والسلطة وتغليب مصلحة الحزب على مصلحة الشعب، وحين تجرد القائمون على
تظاهرة (جنيف 26 ) من هذا المرض حققوا النجاح لحراكهم ! فعلينا أن نستفيد
من هذا الدرس البليغ ، ولتكن هذه محطة نقلع فيه عن هذا المرض وننطلق للعمل
معاً وأن نتسامى عنما نختلف حوله من أجل قضايا أهم تخص شعبنا فى الداخل
والشتات .
(ب) جبهة
المعارضة الان تعيش فى أضعف حالاتها من التشظى والخلاف فالمجلس الوطنى
الذى يُفترض أن يكون أفضل الأسوأ صار بلا معنى وشبعت قياداته خلافاً
وصُراعاً دون أدنى إكتراث لواقع معاناة شعبنا ، الكيانات الأخرى التى تُمثل
الإصطفاف فى الضفة الأخرى لم تُقدم رؤية توافقية تجتذب المواطنين ! ليس
بالضرورة أن تكون رؤية بديلة عن المجلس الوطنى لكن لتكون على الأقل أداة
جامعة فى ساحة العمل المعارض ويكون لها دورُ فاعل فى التغيير ! هذا الوضع
يجب أن يزول وتُطوى صفحته بعد تظاهرة جنيف وأن يعمل كلُ على شاكلته ونجتمع
على كلمةٍ سواء لنتجاوز حالة الترهل التى نعيش.
(ج)
هنالك قوى وطنية مُناهضة للنظام لم تتفاعل مع الأطروحات الموجودة لجبهة
المعارضة ( تنظيماتها ) سواء من الجيل الشبابى أو حتى قطاعات واسعة من
المواطنين من غير الشباب هذه الشرائح لها وجهة نظر فى إدارة العمل المعارض
ونتائجه، وقد بُنيت فكرة إقامة ملتقى الحوار الوطنى الذى عُقد بأديس ابابا
عام 2010 على أساس إشراك هؤلاء وللأسف على أهمية ونجاعة الطرح ! لم تتبع
تلك الأفكار النيرة والنيات الطيبة عملاً صادقاً حيث ظل يترنح العمل
المعارض بصراعات وخلافات جانبية تنظيمات وقيادات، عليه الساحة الان تحتاج
إلى قيادة مقبولة متجردة تقوم بلملمة شعث المعارضة ليس بالضرورة أن يتم
إنشاء كيان سياسى جامع فهذه تفتح علينا باباً للخلاف كما هو الحال فى تجربة
المجلس الوطنى لكن يجب على الأقل إختيار قيادات تعمل على الأقل بتنسيق
الجهود وتوحيد الرؤى فى القضايا المتفق عليها وذات الإهتمام المشترك.
(د)
الخروج العظيم الذى تم فى تظاهرة جنيف 26 يونيو لم يجد الإشادة الرسمية
من القوى الوطنية وكأن ما حدث لايستحق ، للأسف القوى الوطنية على الرغم من
مشاركة العديد من أفرادها وقياداتها فى التظاهرة لكن لم نرَ تنظيماً قدم
إشادته ببيان يكون بمثابة تشجيع للقائمين عليها،! فمتى نترك التوجس
والهواجس وندعم الأعمال الوطنية بتجرد لتنمو وتزدهر على أى صيغةٍ كانت
طالما أنها ضد النظام ..
(6) العمل
الوطنى المُناهض للأنظمة القمعية يحتاج إلى عمل نضالى ضخم وراسخ تتوحد فيه
رؤانا نحو التغيير! وتتعضد فيها خطانا فى الأداء! وتترفع فيه النفوس لبناء
غداِ أفضل لنا وللأجيال ! فمتى ما ضعفت تلك المقومات سيطول فجر الظلام فهل
من صحوة ؟؟
محمد رمضان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق