الأحد، 19 يوليو 2015

حركة النهضة التونسية تعرقل تمرير قانون مكافحة الإرهاب العرب

حركة النهضة التونسية تعرقل تمرير قانون مكافحة الإرهاب
رفض تجريم التكفير والتحريض على التباغض والكراهية يفضح نوايا الحركة الإسلامية.
العرب الجمعي قاسمي [نُشر في 20/07/2015،

مواقف النهضة تتعارض مع متطلبات الوضع الحالي في البلاد

تونس – لم يتمكن مجلس نواب الشعب التونسي (البرلمان) من المصادقة على قانون مكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال المثير للجدل،
 رغم إجماع مختلف الأوساط السياسية والحزبية ومكونات المجتمع المدني على أهمية هذا القانون للتصدي لظاهرة الإرهاب
التي باتت تُهدد أمن واستقرار البلاد.
ويُنتظر أن يتم عرض هذا القانون اليوم على مجلس النواب لمناقشته تمهيدا للمصادقة عليه بعد مناقشته فصلا فصلا،
وذلك بعد أن تعطلت عملية المصادقة عليه يوم الخميس الماضي بسبب مواقف حركة النهضة الإسلامية التي كشفت
عن حقيقة توجهاتها، وفضحت أضاليل رئيسها راشد الغنوشي الذي كثيرا ما ردد أن حركته تُريد المصادقة على
 ذلك القانون لتمكين السلطات المعنية من خوض حربها على الإرهاب.
غير أن هذا الموقف الذي سعى من خلاله راشد الغنوشي إلى تقديم حركته في صورة جديدة، مُخالفة لحقيقتها،
 ومتناقضة مع مرجعيتها الفكرية، لم يصمد كثيرا، ليسقط القناع أمام الجميع، عندما رفض نورالدين البحيري
رئيس كتلة حركة النهضة الإسلامية في البرلمان تضمين نص القانون المطروح للمصادقة فقرة تنص على ضرورة “
تجريم التكفير والتحريض على التباغض والكراهية ضمن الجرائم الإرهابية”.
وقال عبادة الكافي رئيس لجنة التشريع العام بمجلس نواب الشعب، إن لجنته أنهت المصادقة على مشروع قانون
مكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال فصلا فصلا، ولكنها أرجأت المصادقة عليه كنص متكامل إلى اجتماع اليوم
الاثنين بسبب خلاف بين نواب الائتلاف اليساري “الجبهة الشعبية” ونواب حركة النهضة حول كيفية تضمين التكفير
والتحريض على التباغض والكراهية ضمن الجرائم الإرهابية.
وأقر في هذا السياق بأن هذا الموضوع أثار خلافا كبيرا داخل اللجنة رغم أن أعضاء اللجنة اتفقوا خلال جلسات سابقة
 على تجريم التكفير، الأمر الذي استدعى “إرجاء المصادقة عليه برمته إلى اليوم لتمكين جميع الكتل النيابية من تقديم
 مقترحاتها ورؤيتها في هذا الغرض”.
وكان النائب منجي الرحوي قد اقترح تضمين قانون مكافحة الإرهاب فقرة تنص على اعتبار”التكفير والتحريض
على التباغض والكراهية ضمن الجرائم الإرهابية”، الأمر الذي أثار حفيظة نواب حركة النهضة الإسلامية التي سارعت إلى رفض ذلك.

رياض الفاهم: النهضة لم تتخلص بعد من خطابها المزدوج

ويرى مراقبون أن موقف حركة النهضة لم يكن مستغربا، كما لم يفاجئ الأوساط السياسية التونسية التي خبرت المواقف
 المزدوجة لهذه الحركة التي لم تتخلص بعد من تاريخها وأفكارها المستمدة من المرجعيات الفكرية لجماعة الإخوان المسلمين.
وتبرز ازدواجية مواقف حركة النهضة الإسلامية بوضوح من خلال هذا التناقض الصارخ بين موقفها من الدستور
 الذي تضمن في فصله السادس نصا يقول “يُحجَّرُ التكفير والتحريض على العنف”، وبين موقفها الحالي الرافض
 لتضمين قانون مكافحة الإرهاب فقرة مستمدة من النص الدستوري الذي يُجرم التكفير.
وبحسب رياض الفاهم عضو المكتب السياسي لحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد، فإن موقف حركة النهضة
الرافض للنص المقترح تضمينه لقانون مكافحة “يفضح أضاليلها، ويكشف للمرة الألف مواقفها وتكتيكاتها التي
 تستند إلى خطاب مزدوج، وممارسة سياسية ديدنها التقية التي تحكم عمل وتحرك جماعة الإخوان المسلمين”.
واعتبر في تصريح لـ”العرب”، أن ما حدث في مجلس نواب الشعب عندما عطلت حركة النهضة الإسلامية المصادقة
على قانون مكافحة الإرهاب، “يُثبت من جديد أنه لا يوجد خط فاصل بين حركة النهضة وجماعة الإخوان المسلمين
بشكل خاص، وبين تيارات الإسلام السياسي، وبقية التنظيمات التي تمارس الإرهاب بغطاء ديني”، على حد قوله.
وبرر رياض الفاهم موقفه بالقول إن “حركة النهضة وخاصة رئيسها راشد الغنوشي مازال يعمل ويتحرك بنصوص
فترة العامين 1985 و1986 التي لا تتضمن أي إشارة إلى مفهوم الوطن، لأن مرجعياته مستمدة من فكر جماعة الإخوان”.
ووصف موقف حركة النهضة إزاء قانون مكافحة الإرهاب، بـ”المناورة السياسية المكشوفة”، وهو وصف تشاطره
غالبية الأوساط السياسية التونسية التي كثيرا ما حذرت من ازدواجية الخطاب السياسي لهذه الحركة التي سعت إلى
 تعطيل المصادقة على قانون مكافحة الإرهاب منذ طرحه في العام 2012 أمام المجلس الوطني التأسيسي الذي كانت تُسيطر
على غالبية مقاعده.
وبهذه المناورة الجديدة، تكون حركة النهضة قد استنزفت مخزونها من الأضاليل التي سعت إلى التدثر بها خلال السنوات
 القليلة الماضية، ذلك أن قانون مكافحة الإرهاب أصبح مطلبا لكافة الأحزاب والمنظمات التونسية بمختلف ألوانها
وأطيافها باستثناء تلك التي لها مصلحة في تعطيل المجهود الوطني في مكافحة الإرهاب.
ويتألف مشروع قانون مكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال، الذي يُنتظر أن يصادق عليه مجلس نواب الشعب اليوم،
 138 فصلا تم تقسيمها إلى بابين، الأول من الفصل الخامس إلى الفصل 86 ويهم مكافحة الإرهاب وزجره، بينما
 يمتد باب مكافحة غسل الأموال وزجره من الفصل 87 إلى الفصل 138.

ليست هناك تعليقات: