الأربعاء، 10 يونيو 2015

حلقات عن قصص التعذيب فى أرتريا .. الجنرال بنجوس (3-6)

 

الجنرال بنجوس(3)

بقلم: محمد علي نور حسين
الحلقات نقلاً عن موقع فرجت
لم أستطيع النوم غير ساعتين فقط , فقد كان امر هؤلاء الأوغاد يشغل تفكيري بصورة مجنونة جدا , لن ارحم أحدا منهم أقسم لك يا وطني ,إتصلت على وزير ألدفاع واخبرته انني قد أمرت بنقل الخونة لمحمية (فلفل) , لم اجد إعتراضا منه وإقترح علي أن أخذ الهليكوبتر الخاصة بوزارة الدفاع لتسهيل حركة النقل بالنسبة لي من العاصمة والى المحمية والعكس, لم احبذ ان ارفض طلبه ولكن لم اوافق وقلت له انني لا أحب ركوب الهليكوبتر ولكن عند الحاجة سوف أخذها, أنا لا أثق في أي إنسان في هذه الدنيا حتى ظلي , أن أركب هليكوبتر خاصة بوحدة غير الوحدة التابعة لي  وفي مثل هذا التوقيت بالذات لهو إنتحار , وأنا اعلم ما اقول جيدا .
قدت سيارتي خارجا من مدينة اسمرا ومتوجها لتنفيذ اهم عملية استجواب في حياتي المهنية كلها, وبين يدي تصريح خاص من الرئيس بأنه يمكنني القتل في سبيل ان اكتشف المخفي من خيوط العملية الفاشلة لهؤلاء الخونة, ما بين تفكير وغوص في اعماق عقلي ومقابلة الشخصيات الخيالية التي تسكنه كنت قد وصلت للمحمية وانا في منتهى التعب فقد قدت طوال الطريق دون توقف , عندما يكون دافعك الإنتقام من اعداء الوطن لن تجد السكينة ابدا الا في نهاية الطريق .
جمعت فريقي وألقيت عليهم بعض الأوامر وطلبت  منهم تحديدا ان يقومو بالتجهيز للقبض على أبناء واقرباء هؤلاء الخونة في اي وقت أطلبه منهم , فقد احتاج إليهم لإقناع هؤلاء الخونة .
كنت قد امرت من فريقي ان يضعو كل سجين في غرفة لوحده وان يتم توفير كل ما يحتاجون اليه , حتى التلفاز امرت ان يوضع داخل غرف المساجين وهو ما كانو سيستغربونه , اما لماذا اوفر لهم كل هذه الرفاهية؟ فهو لسبب بسيط جدا , ليعلم هؤلاء الخونة  اننا لم نتضرر من محاولة الإنقلاب وبإمكانهم مشاهدة التلفاز ولن يستطيعو إيجاد خبر واحد عن إنقلابهم الفاشل وهو ما سوف يهزمهم نفسيا قبل ان ادخل عليهم وازلزل كيانهم ببعض الالعاب الخفيفة  يا لي من عبقري .
بعد تناولي الغداء اخذت اول ملف وكان لجنرال القوات الجوية نفسه قرأت كل المعلومات الخاصة به واستغربت ان ابنائه الثلاثة موجودين داخل البلاد وهو ما لن يفعله اي جنرال في النظام مهما كانت نفوذه او ثقته في النظام ,نظرت للملف و وجدت الرقم الخاص بالغرفة المحتجز فيها , اخذت معي الملف الخاص به ودخلت غرفته وانا  اعلم انه لن يحتاج ان أعرفه بنفسي , القيت عليه التحية ولم يرد , نظر لي وبان على وجهه الخوف لثوان وتغيرت ملامحه للتحدي سريعا . نظرة الخوف تلك كانت كافية بالنسبة لي لأعلم انه يعرفني جيدا , إذا هو يعلم من انا وماذا  افعل هنا.
قبل دخولي للغرفة الخاصة به كنت قد امرت بقطع التيار الكهربائي عن الغرفة , وهو ما جعله متوترا جدا لانه كان يتصبب عرقا , اخرجت منديلا ورقيا من جيبي واعطيته له ليجفف عرقه , جلست على الكرسي الوحيد الموجود في الغرفة ولم اتحدث اليه بل كنت انتظر منه اول كلمة , وقد كان ما انتظرته ولن بصورة غير متوقعة وجريئة اذ انه حاول ان ينقض علي ويخنقني ولكن لكمة واحدة على جنبه الايمن كانت كفيلة بأن تجعل العجوز في عداد المهزومين جسديا ونفسيا , لماذا حاول هذا العجوز ان يضربني؟ هل كان يعتقد انه بضربي والتغلب علي  سيخرج من هنا ويكون حرا طليقا !؟ اعتقد ان الافلام الاجنبية خاصة الهندية منها قد اثرت على عقل هذا الوغد العجوز , لم امنحه الوقت ليفكر في فعلته بل امرت الجندي الواقف خارج الغرفة بتكبيله من يديه ورجليه سويا من الخلف, لديها اسم اعتقد انها هليكوبتر نسيت اسمها , تمكن الرجل من التنفس بعد ان تعود على تلك الربطة المؤلمة جدا وقال لي انه لن ينطق بكلمة واحدة حتى لو قطعته الى اجزاء , كان حديثه بالنسبة لي تحفيزا كي اقوم بعملي على اكمل وجه ليس اكثر .
تركت جنرال القوات الجوية في وضعه المريح ودخلت الغرفة الثانية وكانت تخص جنرال مسئول عن الإمدادات العسكرية في جنوب البلاد , بعد دراسة الملف الخاص به تبين انه من النوع المنضبط في عمله لاقصى درجة, لم يكن لدى هذا الجنرال  غير بنت واحدة وزوجة مريضة وهو امر محزن جدا بالنسبة له, ليس لي طبعا , مالي انا ومشاكله الشخصية؟ هذه المعلومات كلها لك انت ايها القارئ حتى تستطيع ان تتخيل كم قاسى وعانى هذا المناضل البطل (من وجهة نظرك) في حياته ليأتي بالإستقلال وبعد الإستقلال ليحافظ ويصحح اخطاء القادة اللذين اتو بهذا الاستقلال ! غريب جدا ان يكون الحاكم  الظالم هو من اتى بالحرية من الاساس ! هل تعتقد ان الحكم والسلطة والكثير من المال لهم  المقدرة على  تغير طباع الحكام ؟ عن نفسي لا اعتقد هذا, لا تنسى انني من الحزب الحاكم , فهذا ليس سوى حديث من يدعون انهم ظلمو ولم يجدو العدل والمساوة بين ابناء الشعب الواحد ,, تبا لكم ولحديثكم الضعيف ,اتدرون لماذا تبنيتم هذه المصطلحات؟ ببساطة  لأنكم لم تجدو نصيبا من الحكم او المال لذى وجب عليكم تشويه صورة من هم في الحكم واصحاب المال ومعارضتهم حتى يؤول لكم حكم البلاد وبعض المال في يوما ما (ليس بالقريب) , وانا اثق تماما انكم لن تكونو ارحم منا ولو بمثقال ذرة, لا تمنو انفسكم بالاحلام والسلام والحب والحياة الجميلة لتحاولو الدخول الى هذه البلاد والسيطرة عليها , اتدرون لماذا؟ لأننا اي نحن وانتم من نفس النوع (المحب للسلطة) ومن نفس البلد التي فيها اناس يهتفون بالقبلية وانا متأكد انه يوجد بينكم اشخاص يهتفون باسم القبيلة ونسو اسم البلد, اعلم الكثير عنكم كما تدعون انكم تعلمون عنا كل شيئ , اتدرون لماذا وكيف اعلم عنكم كل هذه الاشياء ؟ لانكم الوجه الاخر للعملة (نحن).
لم اجد داعيا لبدء تعذيب هذا الخائن العجوز لانه لم يكن ليصمد امام التعذيب      مهما كان نوعه فهو عجوز جدا ومريض بالسكر كما بين الملف الخاص به , إذا فالنبداء بالحديث لعله يكون نادما على فعلته , القيت عليه التحية ولم اجد ردا منه , اعتقد انه نادم, اعلم انه لن يتحدث ويعبر عن ندمه لان الحديث عن الغفران بعيد عنه بعد السماء والارض , كان شبه ميت لم يكن يريد الحياة , احسست به مسكين هذا العجوز, اقتربت منه وبهدوء وانا اتمنى ان يتجاوب معي ان يقول انه برئ ولكن كان سكونه معجزة الهية , كنت اقف خلفه كان يعلم انني انتظر منه ردة فعل ولكن …, مددت يدي ولمست كتفه بصورة اخوية جدا ربت عليه وطلبت منه ان لا يخاف فالموت واحد وكلنا لها ولكن تختلف اسباب الخروج من الحياة الى القبر , وقفت امامه وهو جالس على كرسي خشبي, طلبت منه ان يقول لي ما الذي حدث  من الذي خطط للعملية من هو العقل المدبر من الذي سول له الشيطان اولا, تبين لي ان الرجل في شبه غيبوبة ,هل ياترى من الخوف ام من ماذا؟ كان للصفعة التي منحتها له عربون ان يتجاوب معي صدى هائل في الغرفة  وهو يقع على جنبه الايسر محاولا التشبث بالكرسي الخشبي الذي كان مصدوما اكثر من العجوز بتلك الصفعة القوية ,اسمع ايها العجوز انا لست بإنسان عادي, انا إنسان اساس عملي الألم وقمة متعتي صوت الأنين ورؤية الدم, ولكن لا تتحق متعتي بالأنين والدم فقط لا , احتاج لدموع الإنكسار ونظرة الذل حتى اعلم انني ابدعت في عملي , لذا وجب عليك ان تعيد تهيئة نفسك للقادم, فإبنتك في الطريق الى هنا وهي جميلة ,إحذر من يد العدالة فهي لا تعرف الرفق ولا الشفقة,,,

ليست هناك تعليقات: