المعارضة الأثيوبية دمحيت
ورقة سياسية أم مُهدد للسيادة الأرترية
من
الطبيعى الإعتقاد أن رعاية أى دولة لمعارضة أى دولةٍ أخرى يندرج تحت صياغ الإمساك بأوراق
سياسية للدولة الأخرى فى حالة عداءاٍ كانت أو فى حالة فتور فى علاقاتها أو عند حالاتها
الطبيعية ،
وعند أكثر حالة العلاقات متانةً بين الدول تبقى بعضاً
من الأوراق عالقة ليتم تفعيلها وقت الحاجة وتكون الدول مُمسكة بخيوط تلك الأوراق بشتى
الطرق والوسائل فتأخذ أشكالاً متعددة كرعاية أنشطة إجتماعية أو القيام بنشاطٍ تجارى
يكون بمثابة ساتراً لها، وأحياناً تحتفظ الدول
بصداقة مع قيادات معارضة للنظام أو رؤساء سابقين تُقدم لهم دعماً مستتراً وتتم الإستفادة
من هذه العلاقة بصورةٍ أقوى فى ما يستجد من الأحداث بين الدول والتقلبات السياسية المرتبطة
بالأنظمة ، كل هذه الوسائل تكون حية ومتصلة لتفعيلها وتحريكها عند الضرورة والطلب،
ومع هذا تحتفظ الدول بعلاقات متينة مع نظام الحكم القائم فى الدولة الأخرى موضع الترصد
والتتبع لملفاتها لأن الغاية الكبرى من الإمساك بالملفات هى حماية كل دولة لمصالحها
لتضمن صيرورة المصالح والمنافع عند تقلبات الأنظمة والحكومات فى عالمٍ متغير ودولٍ
الأنظمة فيها سريعة التبدل !
أن
الأوراق السياسية والملفات بين الدول صحيح أننا لانجدها فى ثنايا تصريحات السياسيين
لكنها حتماً موجودة فى أضابير الساسة والزعماء، ولهذا فالصراع المحموم الذى نشهده ووصلت
احياناً كثيراً لخوض حروبات فى دول بعيدة جغرافياً هو الخوف من إمتلاك الدولة المعادية
للأوراق والملفات وبالتالى حتى لايشكل هذا نقطة ضعف كبيرة إن لم يكن مُهدداً للإستقرار
تسعى الدول بإمتلاك ملفات وأوراق حتى وإن قامت بصناعتها من العدم ! والشاهد صراع القوى
الإقليمية والدولية فى حروبات الشرق الأوسط وأفريقيا وبقية القارات كدول الإتحاد السوفيتى
سابقاً (أوكرانيا) !
نقول
ذلك لأن السياسة بين الدول إرتقت فى أدواتها بحيث أصبح إستخدام الأوراق والإمساك بالملفات
عوضاً عن الحروب والنزاعات صارت مخرجاً للكثير من الإشكالات والخلافات وسبباً فى الوصول
إلى تسويات وحلول غاية فى الأهمية ولولا وجود تلك الأوراق والملفات العالقة لما تمت
عمليات التسوية فى كثير من الدول ولعمت الفوضى والحروب بصورة ٍ أكثر منما يجرى فى عالمنا
اليوم ودخل التبادل الإقتصادى ضمن منظومة الأوراق والملفات والحروب،
عليه
صياغتى للمقدمة أعلاه الغرض منها تنوير القارىء الكريم بما يجرى فى أرتريا حيث يقوم النظام بإحتضان قوى
معارضة أثيوبية دون ضوابط ودون النظر لعوامل ومُهددات بقائها مما سيشكل هذا خطورة على
الوضع الأمنى فى أرتريا ووضعها السيادى فى المستقبل إن إستمر الوضع على ما هو عليه
!
وأن
هذه القوى تجاوز إستخدامها من ورقة سياسية إلى قوى لها وضعها فى خارطة النظام والبلد
ما يجعلنا نرفع صوتنا عالياً لوضع حد لهذا التجاوز الذى يمارسه النظام للحفاظ على سلطاته
دون أدنى نظر لمصلحة البلاد وأمنها .
أتناول
عبر مقالى المتواضع المعارضة الإثيوبية المتواجدة
بأرتريا وعلى وجه الخصوص الحركة الديمقراطية لتحرير تغراى والتى تُعرف إختصاراً ب ( دمحيت ) قوام قواتها وإمكانياتها ومُهدادتها .
فالمعارضة
الإثيوبية خاصة دمحيت هى مجموعات طامحة همها السلطة غالباً وتحركهم الدوافع الشخصية
وقيادتها وجنودها من إقليم التغراى وهم لهم اليد العليا فى حكم اثيوبيا منذ أكثر من
عقدين وصلوا لسدة الحُكم بقيادة الراحل ملس زيناوى !
تعداد
هذه القوات وأماكن تواجدها :
يصل
تعداد هذه القوى أكثر من (30) ألف جندى إثيوبى وهنالك رواية تقول بأن عددها يصل الى (60 )الف مقاتل ولا يوجد
إحصاء دقيق لها، ويتوزعون فى أكثر من ثلاث معسكرات منها معسكر ويعا ومعسكر ساوا ويتواجدون
فى المناطق الحدودية بين البلدين خاصة فى منطقة بادمى حتى إمتداد مدينة أم حجر ومدينة
قلوج وكذلك فى الشريط الحدودى مع أثيوبيا فى منطقة (زالمبسا) بالقرب من مدينة
صرونا الحدودية المتاخمة لإقليم تغراى الإثيوبى.
العتاد
والإمكانيات :
تمتلك
هذه القوات إمكانيات ضخمة وتسليح متقدم ولهم إمتيازات وصلاحيات وظروف معيشية أفضل من
الجيش الأرترى نفسه.
المهام :
نادراً
ما تقوم هذه القوات بعمليات هجوم ضد نظام الحكم فى أديس ابابا الذى تدعى معارضته بل
أضحت تحل محل الجيش الأرترى والشرطة الأرترية فى قمع تظاهرات المواطنين والقيام بكشات
الخدمة الوطنية فى مدنٍ ارترية عدة فى إنتهاك ٍسافر للسيادة الوطنية وقد ثبت ذلك بالدليل
العملى وشهادة مواطنين فى كل من أسمرا وعدى قيح ومندفرا كبرى المدن الأرترية وأشدها
حراكاً وتمرداً ضد سياسة النظام فى الأونة الأخيرة .!
وأدى
رفض بعض قوى الجيش قمع المواطنين تقوم قوى المعارضة الأثيوبية بقمع المحتجين فضلاً
عن قيامها بالإعتقالات التعسفية لقيادات النظام التى تعترض على سياساته وتقوم بتصفيتهم
! كما تقوم بحراسة مقرات الدولة الحساسة والمواقع الحيوية لأن ثقة النظام بالجيش تشهد
أسوأ حالاتها اليوم بسبب وصول القمع لقيادات الجيش والدولة والشعب ولم يتبقى من يتم
قمعه من المواطنين فعشرات ألالاف يرزحون فى المعتقلات .
تشرف
على هذه القوات قيادات أرترية من الجيش مرتبطة مباشرة بأفورقى شخصياً السيد الأوحد
فى البلاد.
المُهددات
الوطنية :
تمثل هذه القوى مُهددا وطنياً لعوامل عدة منها على سبيل المثال
عامل
اللغة والدين :
هؤلاء
الجنود يتحدثون لغة مشتركة بين أرتريا أثيوبيا خاصة فى أقليم التغراى هى لغة (التجرنية
) وهى المجموعة السكانية الحاكمة لأثيوبيا منذ أكثر من عقدين ولا يختلفون فى اللغة
والديانة مع إحدى أكبر القوميات الأرترية ( التجرنية) وهى القومية المهيمنة على حكم أرتريا بطريقةٍ وأخرى
على الرغم من ـتأكيدنا أن النظام لا يمثلهم ويمثل نظاماً قمعياً يقوده فرد ولكن يمثل
التجرنية لأسباب ٍوعواملٍ وظروف حاضنة للنظام القمعى !
ولهذا
فمن الصعب التمييز بينهم على الرغم من وجود لكنة خفيفة قد يجد لها المتحدث مُبرراً
كالتداخل والعيش المشترك بين الشعبين وهذا العامل (التشابه حد التطابق ) يُمثل جسراً
للإختراق فى حالة الصراع بين الدولتين ، إضافة لما سبق فالتجرنية غالبهم مسيحيون فى
البلدين مع قلة مسلمة ويدعم العاملين اللغة والدين أرضية الإختراق وشهدت الحرب الأثيوبية
الأرترية حالات إختراق على مستوى كابينة القيادة بينها .!
التداخل :
يُعد
عاملاً خطيراً فى قدرة قوات دمحيت على إختراق
بنية المجتمع والدولة والمؤسسات خاصة وأن الدولة الأرترية تفتقد لأبسط معايير الدقة
والسلامة فى تعاملاتها الرسمية ، وتعانى الدولة من تخلف فى تعاملاتها ومراسلاتها ومجالات
الإتصال والتنسيق حيث تتسم بالبدائية والقدم، حيث أن مدراء على مستوى قيادات تدير الدولة
يتعاملون بالفاكس فى عصر تدفق المعلومات وعصر الضبط التقنى ولا يعرفون أبسط وسائل
التبادل المعلوماتى (قادة الداخل) لأنهم مجرد جنرالات وصلوا للسلطة بعد مسيرة
نضالية علت فيها لغة البندقية على سلاح المعرفة ما يؤكد أنه من البساطة تزوير وثائق
الدولة وتمريرها والحصول عليها فى أرتريا إن كانت لديك فرصة الوصول للمواقع الحساسة
والمتاحة اليوم لدمحيت.
دورهم
فى الصراع الداخلى :
مع
توفر العوامل المذكورة يلعب تعداد هذه القوات الكبيرة خطراً مُهدداً للسيادة الوطنية
حيث أنهم الان يتعاملون مع أرفع قيادة الدولة ومُلمون بأدق تفاصيل إدارة الدولة الأرترية
ويُدركون هشاشتها وضعف منظومتها وبالتالى فى حالة حدوث أى خلل أمنى بالبلاد فهؤلاء
سيشكلون قوة إما تُستخدم للغلبة والتمكين لجهة سياسية ما فى أرتريا أو ربما يلعبون
دوراً لصالح إثيوبيا ،،
دمحيت
خطر ومُهدد للوطن :
هذه
القوات المنظمة والتى تمتلك عقيدة عسكرية فى بلداٍ لاتحكمه المؤسسات، وقواته تسجل الهروب
بالمئات للسودان وأثيوبيا ربما فى حالة حدوث فراق أمنى أوخلل فى ارتريا قد تلعب هذه
القوى المعارضة دوراً مُهدداً للسيادة الوطنية وتختلف تبعاً لذلك توجهاتها وأهدافها
وتلعب دوراً لصالح بلدها (اثيوبيا) خاصة وأنه يجب علينا جميعاً إستحضار أن للأنظمة
الأثيوبية وشعوبها متفقة فى أطماعها تجاه أرتريا وعلى وجه الخصوص إيجاد منفذ بحرى لهم على البحر الأحمر لدولتهم الحبيسة ، هذا الشعور
يتفق حوله جميع الأثيوبيين يتحفظ عليه البعض فقط لمعرفتهم مخاطر خوض الحروب التى ستكون
خصماً على إستقرارهم ونهضة بلادهم ...
السؤال
الذى يطرح نفسه هل النظام القائم فى أسمرا يحتاج إلى ورقة سياسية ترقى لمهدد أمنى وسيادى
للوطن؟
وما
هى مصلحته من إنفاق إيرادات الدولة عليها؟ وفى الواقع العملى لاجدوى منها خاصة وأن
أثيوبيا الدولة بمؤسساتها وإمكانياتها ونظام حكمها المستقر لا تؤثر فيها ورقة
المعارضة الباهت والذى يحتضنها نظام حُكمٍ
باهت لاتسنده قوى شعبية ! عله فإن ظاهرة المعارضة الأثيوبية فى أرتريا بشكلها
الحالى تُمثل أحد أهم الإستدلال على نظام اسمرا القائم على سلبه الإرادة الوطنية وتلاعبه
كيفما شاء بمصالح البلاد والعباد فى أرتريا .
وللتنويه
فقط فإيرادى هنا برفض المعارضة الأثيوبية دمحيت لا ينطبق على مساعدة إسترداد حقوق
الشعوب المسلوبة من الأنظمة بل هو واجب ُإنسانى يمليه الضمير الحى وقيم الإنسانية
الرفيع! ورفضنا لإحتضان نظام اسمرا لدمحيت ينطلق لأنها تجاوزت صياغ العُرف لأى
معارضة شريفة وإتكائها على نظام قمعىٍ ليس من بين قاموسه الحقوق ..
بقلم :
محمد رمضان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق